لا شك أن الاستعانة بالله تعالى واللجوء إليه وقت الشدة تفرج عن المؤمن كربه، وتزيل همه، وتقربه من ربه، وهناك أدعية تفريج الكروب وردت عن النبي –- يمكن امتثالها والاقتداء بالنبي فيها، ويجب ألاّ نهرب من الواقع ونكتفي بالدعاء، فالأمة بحاجة لجمع الكلمة، والوحدة بين المسلمين، والوقوف ساعدا واحدا، والاستعانة مع ذلك بالدعاء.

أدعية تفريج الكرب

  • ورد في الصحيحين عن ابن عباس أن رسول الله كان يقول عند الكرب: “لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات السبع ورب الأرض رب العرش الكريم”.
  • وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: «حسبنا الله ونعم الوكيل، قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، وقالها محمد حين قالوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: 173] » [آل عمران: 173] . رواه البخاري.
  • وعن أنس أن النبي كان إذا حزبه أمر قال: “يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث” (رواه الترمذي)، وعن أبي هريرة أن النبي كان إذا أهمه الأمر رفع طرفه إلى السماء فقال: “سبحان الله العظيم”، وإذا اجتهد في الدعاء قال: “يا حي يا قيوم” (رواه الترمذي).
  • وعن أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: “دعوة المكروب: اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت” (رواه أبوداود).
  • وعن أسماء بنت عميس رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله : “ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب أو في الكرب؟!: الله ربي لا أشرك به شيئاً” وفي رواية أنها تقال سبع مرات، (رواه أبو داود وابن ماجه بسند حسن).

أرشدها النبي أن تفزع في الكرب أو عند الكرب إلى التوحيد، الذي ما دفعت عن العبد الشدائد ولا زالت عنه الكربات بمثله، وقد شد صلوات الله وسلامه عليه انتباهها لهذا الأمر وشوقها إلى معرفته، وهيأ نفسها لتلقيه؛ بأن طرح عليها استفهاما مشوقا “ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب أو في الكرب”، وما من ريب أن نفسها قد تاقت لمعرفة هؤلاء الكلمات، فأرشدها أن تقول: “‌الله ‌الله ‌ربي ‌لا ‌أشرك به شيئا”، وهي كلمة إخلاص وتوحيد.

وفي الحديث دليل على أن التوحيد هو المفزع في الكرب، وأعظم أسباب زوال الهموم وذهاب الغموم.

  • وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي قال: “ما أصاب عبداً هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض فيَّ حكمك، عدل فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت بك نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور بصري وجلاء حزني، وذهاب همي، إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرحاً” (رواه أحمد وابن حبان بسند صحيح) .
  • وعن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله : “دعوة ذي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجيب له”. (رواه الترمذي وسنده صحيح).

قال ابن القيم مبينا جانب الربط بين هذه الدعوة والتوحيد في وقت الكرب: إن فيها من كمال التوحيد والتنزيه للرب تعالى واعتراف العبد بظلمه وذنبه ما هو من أبلغ أدوية الكرب والهم والغم، وأبلغ الوسائل إلى الله سبحانه في قضاء الحوائج، فإن التوحيد والتنزيه يتضمنان إثبات كل كمال لله، وسلب كل نقص وعيب وتمثيل عنه، والاعتراف بالظلم يتضمن إيمان العبد بالشرع والثواب والعقاب، ويوجب انكساره ورجوعه إلى الله، واستقالته عثرته، والاعتراف بعبوديته وافتقاره إلى ربه، فها هنا أربعة أمور قد وقع التوسل بها: التوحيد والتنزيه والعبودية والاعتراف

دعاء الرسول عند الكرب

ثبت من أدعية السنة النبوية الصحيحة أن الرسول كان يدعو بها عند الكرب أو الغم، وقد سبق الحديث عنها، ونخصصها ما ثبت منها أنه كان يدعو بها.

1- عن ابن عباس أن رسول الله كان يقول عند الكرب: “لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات السبع ورب الأرض رب العرش الكريم”.

وقد جاء في رواية “أنه كان يدعو بهن، ويقولهن عند الكرب”، حيث سماه دعاءً وإن كان ذكرًا وثناءً؛ لأن الذَاكِرَ والمُثْنِي على الله داعٍ في المعنى؛ لأنه يطلب الثواب، والسائلُ داعٍ لفظًا.
وقد أجاب النووي رحمه الله عن هذا فقال: “فإن قيل: هذا ذكر وليس فيه دعاء، فجوابه من وجهين مشهورين: أحدهما: أن هذا الذكر يستفتح به الدعاء، ثم يدعو بما شاء.”

والحديث عظيم جليل القدر، ينبغي الاعتناء به، والإكثار منه عند الكرب، والأمور العظيمة، قال الطبري: كان السلف يدعون به ويسمونه دعاء الكرب.
فقد كان النبي يقوله عند كربه وإذا حزبه أمر أي: إذا نزل وألمَّ به أمر شديد، سُمِّي بدعاء الكرب لأنه ذِكْرٌ يُستفتح به الدعاء ثم يدعو بما شاء، ولأنه كذلك يتضمن الدعاء لأنه في سياق بيان الحال، وقد بيَّنا في تفسير بعض آيات الدعاء، أن الدعاء يكون بالطلب الصريح، ويكون بالطلب غير الصريح من شكاية الحال: من ضعفٍ، وعجزٍ، وغير ذلك، المتضمن للسؤال بالكشف عن ما ألمَّ به العبد من ضر. [شرح الدعاء من الكتاب والسنة].

2 – عن ابن عباس رضي الله عنه قال: «حسبنا الله ونعم الوكيل، قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، وقالها محمد حين قالوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: 173] » [آل عمران: 173] . رواه البخاري.

وقد تضمنت هذه الكلمة العظيمة التوكل على الله والاعتماد عليه والالتجاء إليه سبحانه، وأن ذلك سبيل عز الإنسان ونجاته وسلامته، قال ابن القيم رحمه الله: “وهو حسب من توكل عليه، وكافي من لجأ إليه، وهو الذي يؤمن خوف الخائف، ويجير المستجير، وهو نعم المولى ونعم النصير، فمن تولاه واستنصر به وتوكل عليه وانقطع بكليته إليه تولاه وحفظه وحرسه وصانه، ومن خافه واتقاه أمنه مما يخاف ويحذر، وجلب إليه كل ما يحتاج إليه من المنافع {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه}، فلا تستبطئ نصره ورزقه وعافيته، فإن الله بالغ أمره، وقد جعل الله لكل شيء قدرا، لا يتقدم عنه ولا يتأخر.
ثم إن فيما تقدم دلالة على عظم شأن هذه الكلمة وأنها قول إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام في الشدائد. [فقه الأدعية اوالأذكار].

دعاء تفريج الهم من القرآن الكريم

جاء في الأحاديث السابقة إشارات إلى آياتكريمة من الذكر الحكيم تعد أدعية فرآنية في تفريج الهم والكرب من ذلك:

  • “لَا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ” [الأنبياء: 87]

دعاء يونس عليه السلام الذي بعثه جلَّ في عُلاه إلى أهل (نينوى) من أرض موصل في العراق، وقد قصّ لنا كتاب اللَّه تعالى في عدّة مواضع عنهم كما في هذه السورة، وفي سورة (الصّافّات)، وفي سورة (القلم) دلالة على أهميتها لما فيها من الحكم، والفوائد الجليلة في مصالح الدين والدنيا والآخر

لما كان يونس عليه السلام في بطن الحوت {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ}: ((قال ابن مسعود رضي الله عنه: ظلمة بطن الحوت، وظلمة البحر، وظلمة الليل)) (3)، فاستغاث بربه السميع العليم الذي لا تخفى عليه خافية في السماء والأرض، مهما دقّت وخفت، فأنجاه اللَّه تعالى كما هي سنته مع الموحدين المخلصين الداعين.

قال ابن القيم رحمه الله: أمّا دعوة ذي النون فإن فيها من كمال التوحيد والتنزيه للربّ عز وجل، واعتراف العبد بظلمه وذنبه ما هو من أبلغ أدوية ‌الكرب والهمّ والغمّ، وأبلغ الوسائل إلى اللَّه سبحانه وتعالى في قضاء الحوائج.

  • “رَبِّ إِنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ” [القمر: 10]، دعاء نوح عليه السلام عندما ضاقت به السبل وأراد الفرج من الله.
  • “حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ” [آل عمران: 173]، وهو الدعاء الذي قاله المؤمنون حين اشتد عليهم الخوف، فكان ملاذهم وحصنهم من كل شر.

أدعية لقضاء الدين وتفريج الهم

جاءت بعض الأدعية النبوية في قضاء الدين منها ما يأتي:

1- ما رواه الترمذي في سننه عن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ: أن مكاتباً جاءه، فقال: إني قد عجزت عن كتابتي فأعني، قال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله لو كان عليك مثل جبل ثَبير ديناً أداه الله عنك، قال: قل: اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك. [رواه أحمد والترمذي والحاكم وصححه الحاكم وحسنه الأرناؤوط والألباني].

2 – وفي صحيح مسلم أنه كان يدعو عند النوم: اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقضِ عنا الدين، وأغننا من الفقر.

3 – وعن أنس قال: قال رسول الله لمعاذ: «أَلَا ‌أُعَلِّمُكَ ‌دُعَاءً ‌تَدْعُو ‌بِهِ ‌لَوْ ‌كَانَ ‌عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلٍ دَيْنًا لَأَدَّى اللَّهُ عَنْكَ؟ قُلْ يَا مُعَاذُ , اللَّهُمَّ مَالِكُ الْمُلْكِ , تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ , وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ , وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ , وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ , بِيَدِكَ الْخَيْرِ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ , رَحْمَانُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ , تُعْطِيهُمَا مَنْ تَشَاءُ , وَتَمْنَعُ مِنْهُمَا مَنْ تَشَاءُ , ارْحَمْنِي رَحْمَةً تُغْنِينِي بِهَا عَنْ رَحْمَةِ مَنْ سِوَاكَ». [رواه الطبراني في الصغير بإسناد جيد كما قال المنذري، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب].

4 – وروى أبو داود عن أبي سعيد الخدري قال: دخل رسول الله المسجد ذات يوم، فإذا برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة، فقال: يا أبا أمامة ما لي أراك جالساً في المسجد في غير وقت الصلاة؟ قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله، فقال: أفلا أعلمك كلاماً إذا قلته أذهب الله همك وقضى عنك دينك؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحَزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال. قال: فقلت ذلك، فأذهب الله تعالى همي وغمي وقضى ديني[1].

كيف أطلب الفرج من الله؟

هناك بعض خطوات عملية يلتزم بها الداعي الذي يطلب الفرج بعد الشدة، ويسعى أن يكشف الله عنه ما أهمه وأغمه، وهذه الخطوات نجد أدلتها واضحة في الكتاب والسنة، وهي كما يلي:

1- الحرص على تقوى الله تعالى

قال الله تعالى: ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق:2-3].

قال ابن كثير – رحمه الله -: “أي: ومَن يتق الله فيما أمره به، وترك ما نهاه عنه يجعل له مِن أمره مخرجًا، ويرزقه من حيث لا يحتسب، أي مِن جهة لا تخطر بباله”، وروى ابن أبي حاتم عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: “إن أجمع آية في القرآن: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ﴾ [النحل:90]، وإن أكبر آية في القرآن فرجًا: ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴾. وعن علي بن طلحة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: ﴿ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴾، يقول: ينجيه من كل كرب في الدنيا والآخرة.

2 – التوكل على الله تعالى

فإن من يتوكل على الله فهو يكفيه ويغنيه عن سؤال الناس عَنْ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «‌لَوْ ‌أَنَّكُمْ ‌تَوَكَّلُونَ ‌عَلَى ‌اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا»[1]

وقد أخبر الله – عز وجل – كيف كان التوكل سببًا للنجاة من الشدائد، كما قال -تعالى-: ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّه ﴾ [آل عمران:173-174].

وقال عن مؤمن آل فرعون: ﴿ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ. فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ ﴾ [غافر:44-45].

3 – الإكثار من الاستغفار

يسن للمكروب أو المهموم أن يكثر من الاستغفار، فالبلاء لا ينزل إلا بذنبٍ، وعلاج الذنوب الاستغفار، قال بعض السلف: “إن هذا القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم، فأما داؤكم فالذنوب، وأما دواؤكم فالاستغفار”؛ لذلك قوله -عز وجل-: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا. يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا. وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 11-12].

قال ابن عبد الهادي رحمه الله في “العقود الدرية”: “سمِعتُ شيخ الإسلام في مبادئ أمرِه يقول: إنه ليقفُ خاطري في المسألة والشيءِ أو الحالة التي تُشكِل عليَّ؛ فأستغفِرُ الله تعالى ألفَ مرَّةً أو أكثر أو أقل، حتى ينشرح الصدر، وينحلَّ إشكال ما أُشكِل، قال: وأكون إذ ذاك في السوق، أو المسجد، أو الدرب، أو المدرسة، لا يمنعني ذلك مِن الذكر والاستغفار إلى أن أنال مطلوبي.

4- الإكثار من الصلاة على رسول الله

ثبت في السنة النبوية الصحيحة أن الصلاة على النبي والإكثار منها سبب في نيل الفرج من الملمات، عَنِ ‌الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ ‌أَبِيهِ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ قَامَ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللهَ اذْكُرُوا اللهَ، جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ» تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ.

قَالَ أُبَيٌّ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟

فَقَالَ: مَا شِئْتَ

قَالَ: قُلْتُ: الرُّبُعَ؟

قَالَ: مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ

قُلْتُ: النِّصْفَ؟

قَالَ: مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ

قَالَ: قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ؟

قَالَ: مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ.

قُلْتُ: ‌أَجْعَلُ ‌لَكَ ‌صَلَاتِي كُلَّهَا؟ قَالَ: إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرَ لَكَ ذَنْبُكَ [رواه الترمذي وهو صحيح].

5 – التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة

وهو أن يتوسل الإنسان المكروب إلى الله بصالح أعماله، فقد قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ ‌أَنْ ‌يَكُونَ ‌لَهُ ‌خَبْءٌ ‌مِنْ ‌عَمَلٍ صَالِحٍ فَلْيَفْعَلْ».

والخبيئة من العمل الصالح هو العمل الصالح المختبئ يعني المختفي، والزبير رضي الله عنه هنا ينبهنا إلى أمر نغفل عنه وهو المعادلة بين الأفعال رجاء المغفرة؛ فلكل إنسان عمل سيئ يفعله في السر، فأولى له أن يكون له عمل صالح يفعله في السر أيضًا لعله أن يغفر له الآخر.

وفي الصحيحين قصة الثلاثة الذين آوى بهم المبيت إلى الغار وانسد عليهم، وتوسلوا إلى الله بصالح أعمالهم.

6 – التعرف على الله في الرخاء

لأن من تعرف عليه سبحانه في الرخاء عرفه الله تعالى وقت الشدة كما اخبرنا رسولنا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: رَدَفْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا، فَأَخْلَفَ بِيَدِهِ خَلْفَ ظَهْرِهِ فَقَالَ: ” يَا غُلَامُ، أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِنَّ، ‌احْفَظِ ‌اللَّهَ ‌يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، إِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، جَفَّتِ الْأَقْلَامُ، وَرُفِعَتِ الصُّحُفُ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ جَهِدَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ جَهِدَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كُتِبَ عَلَيْكَ”. [الترمذي وهو صحيح].

قال أبو الدرداء رضي الله عنه: ادع الله يوم سرائك، يستجب لك يوم ضرائك) -إي وربي- (من تعرف على الله في الرخاء تعرف الله عليه في الشدة).

7 – ادع الله الدعاء مضطرين

قال الله -تعالى-: ﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ﴾ [النمل:62].

قال القاسمي -رحمه الله-: “﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ﴾، وهو الذي أحوجه مرض أو فقر أو نازلة من نوازل الدهر، إلى اللجأ والتضرع إلى الله تعالى”.

وقال ابن كثير -رحمه الله-: “ينبِّه تعالى أنه المدعو عند الشدائد، الموجود عند النوازل، كما قال: ﴿ وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ ﴾ [الإسراء:67]، وقال تعالى: ﴿ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴾ [النحل:53]، وهكذا قال ههنا: ﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ﴾، أي: مَن هو الذي لا يلجأ المضطر إلا إليه، والذي لا يكشف ضر المضرورين سواه.

8 – إقامة الصلاة

فقد أمر الله تعالى بالاستعانة بها في كل الأمور فقال تعالى: ﴿ واسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 153].

وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 97 – 99].

قَالَ حُذَيْفَةُ: “كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‌إِذَا ‌حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى” [أبو داود ، حسن].

وكان أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: “قم يَا ‌بِلَالُ، ‌فأَرِحْنَا ‌بِالصَّلَاةِ”[أبو داود وهو صحيح].

9 – الصبر مفتاح الفرج: من أعظم مفاتيح الفرج مفتاح الصبر قال : « وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسرًا» [الترمذي وهو صحيح].

وقد قال سبحانه وتعالى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10].

قال بعض السلف: (لو أنَّ العسر دخل في جُحرٍ؛ لجاءَ اليُسرُ حتى يدخلَ معه)، ليس بعده، لا بل يدخل معه، فأبشروا يا عباد الله! أنتم في عسر بل أنتم في يسر، اليسر أقرب إلينا من حبل الوريد، ألم تسمعوا إلى قول الله، عز وجل: ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ [الشرح: 6].