بني الإسلام الأسرة على المودة والألفة والتراحم،ووضع لها سياجًا يحفظها من السقوط،بل سعى دائمًا ليجعلها شامخة البنيان،عالية الشأن ،وقد راعى الإسلام أن يعرف كل من الزوجين دوره،وحث الزوج عل اهتمامه بزوجته ،نفسيًا وماديًا،ومعنويًا،وحذره من بعض السلوكيات والأمور التي بجب عليه تجنبها،لتبقى الحياة سعيدة ،وفي ذلك يقول الدكتور يوسف القرضاوي:

سلوكيات غير شرعية في مسئولية الرجل عن زوجته يجب تجنبها:

إذا قام الزوج بما عليه من حقوق شرعية تجاه زوجته، وإذا قامت الزوجة بأداء ما عليها من حقوق شرعية تجاه زوجها، كانت السكينة والمودة والرحمة والألفة، وهذا هو الواجب الذي يجب أن يكون في البيوت الملتزمة بشرع الله ـ سبحانه وتعالى ـ ولكن نجد الواقع العملي الذي نعايشه بعض السلوكيات غير الشرعية التي يجب تجنبها عندما يُقَصِّر الرجل في بيته. وسوف نعرض نماذج منها من منظور الزوج:
1-عدمُ معاونة الزوج زوجتَه على عبادة الله ـ سبحانه وتعالى ـ وإعدادها الإعداد السليم دينيًّا حتى يستطيع تربية أولادها على ذلك، فأحيانا نجد الزوج متدينًا ومثقفًا ثقافة إسلامية وداعيًا إلى الله، تفتقر زوجته إلى كل ذلك، وهذا التناقض يُحدث خللاً في التوازن والتواؤم في البيت، وربما يعوق الزوج في عباداته وفي دعوته إلى الله.

2-التعسف في تطبيق حق القوامة أو الفهم الخاطئ لها، واللجوء إلى العنف والقهر والضرب والتقبيح ، وهذا مخالف لأمر المعاشرة بالمعروف، ويكون من نتيجة ذلك الكراهية والفتور والجفاء.

3-الاستبداد بالرأي وتجاهل رأي الزوجة وعدم مشورتها، والاعتقاد الخاطئ بأن الرأي رأيه والمشورة مشورته، وهذا اعتداء على كرامة الزوجة وإنسانيتها، ولا يحقق الألفة والرحمة والمودة.

4-قضاء الزوج معظم وقته خارج البيت في العمل أو غيره، معتديًا على حق أهله، بل ويأتي متعبًا ومجهدًا، ويذهب إلى فراشه ، وربما يسب زوجته وينهر الأولاد، ومما يُقال في هذا المقام: أنه يتخذ من البيت فندقًا أو استراحة مُهمِلًا حق الزوجة والأولاد ،وربما يستيقظ مبكرًا وهكذا تدور الحياة، وهذا بدوره يولد الفتور في العلاقة الزوجية ويضعف من الود والرحمة.

5-التهاون مع الزوجة في إلزامها بالضوابط الشرعية في ملبسها وسلوكها وهذا ناتج عن أمور شتى منها:

أ-تقصير الزوج في تعريف زوجته أمور دينها.

ب-تأثر الزوجة بالتلفاز لتعويض غياب الزوج.

ج-تأثر الزوجة كذلك بالوسط الذي تعيش فيه بعيدة عن دعوة الإسلام.

د-عدم اكتراث الزوج بإلزام زوجته بالضوابط الشرعية.

وهذا بدوره يُحدث الفجوة بين فهم الزوج وفهم الزوجة وسلوكيات الزوج وسلوكيات الزوجة وينعكس ذلك على الأولاد.

6-عدم تعاون الزوج مع زوجته في بعض أمور البيت عند الحاجة، إما تكبرًا، أو جهلاً، أو انشغالًا، أو تعسفًا في استخدام حق القوامة.. وهذا يُخالف وصية رسول الله ـ ـ التي يقول فيها: “خيرُكم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي. (البخاري) كما يعتقد بعض الأزواج أن قيامه بالمعاونة فيه إهدار للقوامة وضعف لشخصيته وهذا فهمٌ خاطئ سَقيم لا يتفق مع شريعة الإسلام.

7-التقصير في صلة رحم زوجته، وفي تقوية روابط المصاهرة والحب والود وأحيانًا يتفاقم الموقف ويصل إلى درجة الفتور والمقاطعة والقطيعة، وهذا يترك آثارًا سيئة على نفسية الزوجة والأولاد، وربما يدفع الزوجة بأن تُعامل أقارب زوجها بالمثل مُطَبِّقة المَثَل القائل: (المعاملة بالمثل).

8-التقتير على الزوجة في الإنفاق مع وجود سَعَة في الرزق، وهذا مخالف لِما أمر الله ـ سبحانه وتعالى ـ في قوله عز وجل: (لِيُنْفِق ذو سَعَةٍ مِن سَعَتِه ومَن قُدِرَ عليه مِن رزقِه فلينفق مما أتاه الله) (الطلاق:7) والتقتير يُسبب تضييقًا في المعيشة ، وربما يقود إلى سلوكيات غير شرعية من الزوجة، منها أن تأخذ من ماله بدون إذنه أو علمه.

9-الاعتداء على مال الزوجة بدون طيب نفس ورضا منها ،وقد يُسبب لها المضايقات المختلفة إذ لم تستجب لطلباته المادية، وهذا بدوره يُفسد العلاقة الزوجية بينهما والتي هي أعلى وأسمى، والتي إذا فُقدت فُقد كل شيء في البيت، فلن تكون هناك سكينة ومودة ورحمة في بيت تسيطر عليه المادة.

10-ترك الزوجة والأولاد ويسافر إلى خارج البلد من أجل الحصول على مزيد من المال بدون ضرورة معتبرة شرعًا، ولا سيما في مجتمعات انتشرت فيها الفساد الأخلاقي والاجتماعي، مما يُخشى عليها من الخطيئة.

11-عدم الالتزام بالضوابط الشرعية في المجالس التي يختلط فيها الرجال بالنساء سواء من الأقارب أو غيرهم، أو السماح للأقارب والموظفين التعود على زيارة المنزل في حالة عدم وجوده وهذا يؤدي إلى الوقوع في الخطيئة وارتكاب الذنوب.

12-التهديد باستخدام يمين الطلاق ضد زوجته ويُعَلِّق قضاء بعض الأمور أو الطاعة لبعض الأوامر على يمين الطلاق ،وهذا بدوره يجعل الحياة الزوجية في قلق. وفي هذا معصية لأوامر الله ورسوله حيث يقول ـ ـ: (لَعَنَ الله كلَّ مِطْلاق ذوّاق). (متفق عليه).

هذه السلوكيات غير الشرعية وغيرها يجب الحذر منها؛ لأنها تقود إلى انحرافات شتى وسلبيات خطيرة، وتُقَوِّض القواعد الأساسية للعلاقة الزوجية ومن أهمها السكينة والمودة والرحمة.
انتهى
وبمراعاة مثل هذه الأمورتظهر لنا عظمة الإسلام ،بحرصه على الإسرة عامة ،وعلى الزوجة المسلمة خاصة .