قال الله تعالى في مصارف الزكاة ( والغارِمينَ ) [ سورة التوبة : 60 ] يقول القرطبي عنهم : هم الذين رَكِبَهم الدَّينُ ولا وفاء عندهم به، ولا خلاف فيه، اللّهم إلا مَن ادَّانَ في سَفاهة فإنّه لا يُعطى منها ولا من غيرها إلا أن يتوبَ، ويُعطى منها مَن له مال وعليه دَين محيط به ما يَقضى به دينه ـ يعني دَينًا مستغرِقًا لما يَملِكه ـ فإن لم يكن له مال وعليه دين فهو فقير وغارم فيُعطى بالوصفين. روى مسلم عن أبي سعيد الخدري قال: أُصيب رجل في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم في ثِمار ابتاعَها فكثُر دينه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ” فتصدَّقَوا عليه ” فتصدّق الناس عليه فلم يبلُغ ذلك وفاء دينه، فقال رسول الله ـ ﷺ ـ لِغُرمائه ” خُذوا ما وَجدْتم وليس لكم إلا ذَلِكَ ” .
ويجوز لمن تحمَّل مالاً في إصلاح وصلاح أن يُعطَى من الصّدقة ما تحمّل به إذا وجب عليه، وإن كان غِنيًّا إذا كان ذلك يُجحف بماله كالغَريم. واختلفوا هل يُقضَى منها دين ميّت أم لا، فقال أبو حنيفة : لا ، ولا يُعطى منها مَن عليه كفّارة ونحو ذلك من حقوق الله، وإنما الغارم من عليه دَين يُسجَن فيه ـ وقال علماؤنا وغيرهم: يُقضى منها دين الميِّت لأنه من الغارمين، قال ـ صلّى الله عليه وسلم ـ ” أنا أولَى بكل مؤمِن من نفسه، مَن تَرك مالا فلأهلِه، ومَن ترك دَينًا أو ضَيَاعًا ـ عِيالاً ـ فإلَيَّ وعَلَيَّ ” .
وذكر الماوردي في ” الأحكام السلطانية ” ص123 أن الغارمين صِنفان، صنف منهم استدانُوا في مصالح أنفسِهم فيدفع إليهم مع الفقر دون الغنى ما يقضون به ديونَهم، وصنف منهم استدانوا في مصالح المسلمين فيدفع إليهم مع الفقر والغنى قدر ديونهم من غير فَضل.