اتفق الفقهاء على أن الوصية في حدود الثلث تكون واجبة النفاذ، واختلفوا في زيادة الوصية عن الثلث على قولين:
الأول: أن الوصية تكون موقوفة على إجازة الورثة، فإذا لم يكن للموصي ورثة فإنها تنفذ دون حاجة إلى إذن أحد.
الثاني: أن الوصية بما زاد عن الثلث تقع باطلة.
فمن أوصى بماله كله فللموصى له أن يأخذ بحدود الثلث، فلو أعطى شخص مالا وأودعه عنده وقال له لو توفاني الله عز وجل المال حلال لك، فلا يحق له أن يأخذ منه إلا في حدود الثلث والباقي يعطى للورثة. فإن قبلوه فهو لهم يقسم حسب قواعد الميراث الشرعية، وإن أبوا فلينفق هذا المال في وجوه الخير بنية أن يصل الثواب للميت..
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية-:
الوصية تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع , أو هي التبرع بالمال بعد الموت , وهي مستحبة بجزء من المال لمن ترك خيرا في حق من لا يرث , وقد حدد الشرع حدودها بأن لا تزيد عن الثلث , ورغب في التقليل من الثلث , وذلك لتجنب الإسراف , وإيقاع الضرر بالورثة .
فإذا وجد للميت وارث , نفذت الوصية في الثلث , وبطلت في الزائد منه اتفاقا إن لم يجزها الورثة , لحديث سعد بن أبي وقاص قال : ” كان رسول الله ﷺ يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي , فقلت : إني قد بلغ بي من الوجع , وأنا ذو مال , ولا يرثني إلا ابنة , أفأتصدق بثلثي مالي ؟ قال: لا, فقلت: بالشطر, فقال: لا, ثم قال: الثلث, والثلث كبير أو كثير , إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس } .
فالثلث هو الحد الأعلى في الوصية إذا كان للميت وارث , ولم يتفقوا على الحد الأدنى , مع استحبابهم الأقل من الثلث , وأن تكون الوصية للأقارب غير الوارثين , لتكون صدقة وصلة معا . وذكر صاحب المغني أن الأفضل للغني الوصية بالخمس , ونحو ذلك يروى عن أبي بكر وعلي بن أبي طالب أما إذا لم يكن للميت وارث , أو كان له وارث وأجاز الزيادة على الثلث , ففيه خلاف على قولين:
القول الأول:
إن الوصية للأجنبي في القدر الزائد على الثلث تصح وتنعقد , ولكنها تكون موقوفة على إجازة الورثة , فإن لم يكن له ورثة نفذت دون حاجة إلى إجازة أحد , وهذا هو مذهب الحنفية وكذا المالكية , والحنابلة في إحدى الروايتين عندهما . واستدلوا بأن الوصية بالزائد على الثلث من حق الورثة , فإذا أسقطوا هذا الحق بالإجازة فإنه ينفذ ولا يبطل . ولا يعتد بإجازتهم حال حياة الموصى ; لأن ذلك يكون قبل ثبوت الحق , والحق في الإجازة يثبت لهم عند الموت , فكان لهم أن يجيزوا أو يردوا بعد وفاته .
القول الثاني:
إن الوصية للأجنبي بما زاد عن الثلث تقع باطلة , وهذا قول المالكية , والحنابلة في الرواية الثانية عندهما . واستدلوا بأن { النبي ﷺ قد نهى سعدا عن التصدق بما زاد على الثلث } والنهي يقتضي فساد المنهي عنه . ويرى الشافعية أنه إذا أوصى بما زاد على الثلث ورد الوارث الخاص المطلق التصرف الزيادة بطلت الوصية في الزائد ; لأنه حقه.
أما إذا كان الوارث عاما فتبطل الوصية في الزائد ابتداء من غير رد ; لأن الحق للمسلمين فلا مجيز.