يقول الدكتور سعد هلال – أستاذ الفقه بجامعة الأزهر-:
ما يطمئن إليه القلب هو أن الزواج الثاني دون علم الأولى في هذا العصر نوع من التغرير والخداع وهو ما أشار إليه فقهاء الحنابلة سابقا .
ونظرا لأن هذا العصر قد حدثت فيه تغييرات اجتماعية كبيرة مما جعل الأسر ترتبط بأعراف خاصة، فلو كان الزوج من مصر والزوجة الأولى من مصر فإن أعراف مصر حاليا تنظر إلى الزواج الثاني على أنه اعتداء على حق الأولى،ومن ثم فحقها أن تعلم ، ويترتب على إعلامها تخييرها في البقاء أو الطلاق.
اشتراط الزواج في الثانية في عقد الزوجة الأولى
إذا اشترط في عقد الزواج أن من حق الزوج التزوج بأخرى دون علم الأولى والمعروف عرفا كالمشروط شرطا،وبهذا لا نعتبر الزواج الثاني دون علم الأولى وموافقتها نوع من الاعتداء على حقها.
والله يقول :( وَلَا تَعْتَدُواإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) وفي حال وقوع الثاني فالزواج الثاني صحيح مع إثم الزوج بشرط أن يقع الزواج الثاني بشروطه وأركانه الشرعية .
توثيق عقد الزواج
ومن لا يريد توثيق الزواج، وفي هذا تحايل على أنظمة الدولة المدنية التي تجعل من التوثيق الرسمي سبيلا لضمان حقوق كل من الزوجين والأولاد مستقبلا ، وعدم التوثيق هذا يعرض الحقوق المنبثقة عن الزواج للخطر فضلا عن عدم الامتثال لولي الأمر بشأن التوثيق .
مع قوله سبحانه: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ) [البقرة/282] ” والآية وإن جاءت في كتابة الدين إلا أن الزواج يسفر عن حقوق مادية أعظم من الدين ، وعليه فالزواج غير المشهر فيه مخالفة شرعية .
وإبرام عقد الزواج يحتاج على مذهب الجمهور أن يبرم بيد ولي المرأة ولو كانت كبيرة، واشترط المالكية الإشهار دون الاكتفاء بشهادة الشهود ،واكتفى الشافعية والحنابلة والحنفية بشهادة الشهود العدول الذين تتحقق بهم ضمانات عقد الزواج للطرفين.
وأجاز الحنفية أن تبرم المرأة عقد نفسها بشرط كمال أهليتها مع توافر الشهود العدول، ومن صيغة السؤال يتضح أن المرأة يمكن أن تلي أمر نفسها على مذهب الحنفية ،ولكن لا يصح العقد إلا بالشهود العدول على جميع المذاهب.
وتنازل الزوجة عن بعض حقوقها أمر يرجع إلى المتنازل عنه ، ولكن الشريعة تشترط ضمان صحة هذا التنازل بأن يكون صادرا بإرادة كاملة ممن له الأهلية للتنازل، وأن يكون التنازل بعد ثبوت الحق لا قبله ؛ لأن التنازل قبل ثبوت الحق فيه تغرير وإسقاط لشيء لم يثبت بعد . والتصرفات لا تصح إلا على موجودات فالمتنازل قبل ثبوت الحق أن ينازع في هذا الحق مستقبلا.