شرعت الزكاة في الإسلام لدفع حاجة الأصناف الثمانية التي نصَّت عليها الآية: ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضةً من الله والله عليم حكيم ) [التوبة ٦٠].

وقد تحققت هذه المصارف جميعها في أهل غزة الصابرين الذين دمرت بيوتهم وهجّروا من مناطقهم وحوصروا ومنع عنهم الماء والغذاء والدواء والوقود فهم أولى الناس في أمة الإسلام بالزكاة في هذا الوقت.

هل يجوز تعجيل إخراج الزكاة

الأصل في الزكاة أنها تجب على مَن ملك نصاباً وجمهور العلماء مِنَ الحنفية والشافعية والحنابلة والمالكية في قول، ذهبوا إِلى جواز تعجيل زكاة المال إِذا بلغ نِصابا وإن لم يحل عليه الحول، وقد قال بهذا القول جمهور التابعين.  ومن الأدلة عليه:

-حديث عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: (أنَّ العبَّاس رضي الله عنه سأل رسول الله في تعجيل صدقته قبل أن تحلَّ، فَرخَّص لَهُ فِي ذَلِكَ) .

-أنَّ الْمَالَ إِذَا بَلَغَ نِصَابَاً؛ فَقَدْ وُجِدَ فِيهِ سَبَبُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ؛ فَجَازَ تَعْجِيلُهَا قبل أن يوجَد شرطه الذي هو حَولان الحَول؛ لأن تقديم الحكم المتعلق بالحقوق المالية على شرطه جائز بخلاف تقديمه على سببه.

-قياس تعجيل الزكاة قبل أن يحول الحَول عَلَى تعجيل قَضَاءِ الدَّيْنِ قَبْلَ أنَّ يحلّ الأَجَل، بناءً على أن الزَّكَاةَ حَقٌّ مَالِيٌّ أُجِّلَ رِفْقَاً بِصَاحِبِ الْمَالِ؛ فجاز تعجيله لمصلحةٍ أو حاجةٍ قبل حلولِ أجَلِه.

هل تتحقق مصارف الزكاة في أهل غزة

فرض الإسلام الزكاة على كل مسلم يتحقق فيه شروطها، قال تعالى: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم) التوبة: 60.

ولعلّ من النادر ما يحدث في زمان ما، أن تتحقق مصارف الزكاة الثمانية في فئة أو شريحة من المسلمين، أو في بقعة من بقاع الأرض، وهو ما نراه في أهل غزة، وهذا ما جعل عددا من العلماء المعاصرين يفتون بإعطاء الزكاة لأهل غزة؛ لانطباق بعض المصارف الثمانية عليهم، ولكن المتأمل في حقيقة الوضع في غزة، سيجد المصارف الثمانية كلها تنطبق عليهم. ومن مصارف الزكاة لأهل غزة:

-مصرف الغارمين وهو ما ينطبق على جل أهل غزة، فقد غرم الكثيرون منهم بيوتهم، وضاعت أموالهم ومقدراتهم، وهم غارمون على مستوى الفرد، وغارمون على مستوى الجماعة.

-مصرف الفقر والمسكنة، ينطبق على أهل غزة، بحكم الوضع الراهن، فقد استوى في أهل غزة الفقير والغني، فمن معه المال لا يجد الغذاء، ولا الكساء، ولا متطلبات الحياة وضروراتها.

-مصرف ابن السبيل، فالمهجر واللاجئ يسري عليه حكم ابن السبيل، سواء كان مهجرا من جهة في موطنه إلى جهة أخرى، بعد هدم بيته، أو كان مهجرا خارج وطنه، وما جرى لأهل غزة، من انتقال من الشمال للجنوب، كلها تدخل أهل هذه المحنة في مصطلح ابن السبيل.