المسلم ينظر إلى ما أنعم الله به عليه ، فيشكر الله تعالى ، وينظر إلى ما ابتلى الله به الآخرين فيزداد شكرا لله تعالى ، وينظر إلى المبتلى على أنه ليس ناقصا فربما كان الابتلاء من نصيبه .
وعلى المبتلى أن ينظر إلى ما أصيب به على أنه امتحان وابتلاء من الله تعالى فيحمد الله على ما هو فيه ، ولا يجعل إعاقته سببا في حرمانه من التفوق ، بل يجب أن يسعى بكل ما يملك لكي يكون من أولئك الموهوبين .
يقول الدكتور يوسف القرضاوي رحمه الله تعالى :
قامت حياة الإنسان على الابتلاء، قال الله تعالى: ( إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه)، وقال تعالى : (لقد خلقنا الإنسان في كبد) والإنسان يبتلى بالشر ويبتلى بالخير، كما قال تعالى : (ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون) فإذا نظر الإنسان إلى النعم التي أعطيت لغيره ، على أنها ابتلاء من الله سبحانه وتعالى، وإن لله حكمة في كل ما يبتلي به خلقه، فالإنسان المؤمن يعرف أن أعمال الله ليست عبثاً ولا اعتباطاً، ولكن كل فعل من أفعال الله لها حكمة علمها من علمها وجهلها من جهلها، كما قال الشاعر:
وكم لله من سر خفي يدق خفاه عن فهم الذكي
وكما قال تعالى عن أولوا الألباب: ( ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك ) فالله لم يخلق شيئاً باطلاً ولا عبثاً.
فإذا رأى الإنسان أنه ابتلي، يعلم أن لله سرا في ذلك و حكمة، ومن عدل الله تبارك وتعالى أنه إذا حرم الإنسان شيئاً، عوضه شيئاً آخر، هذا ما نراه من خلال حكمة الله في الكون.
لذلك تجد هؤلاء العجزة أو المعوقين أو الذين حرموا نعمة السمع أو نعمة البصر أو العرج أو غيرها ، تجد أنه أوتي قوة من ناحية أخرى، يسميها علماء النفس التعويض، فتجد من لا يرى ولكن سمعه قوي جداً، وتجد إحساسه باللمس قوياً، كذلك الذكاء، فكثيراً ما نجد هؤلاء أوتوا ذكاء وقدرات خاصة لم يؤتها الإنسان العادي، فهذا من تعويضات الله تبارك وتعالى له، فإذا نظر الإنسان إلى هذه الأشياء على أنها ابتلاء من الله، كان مرد ذلك شيئاً من الرضا والسكينة ولم يعش في قلق وسخط على نفسه وعلى الكون من حوله وعلى الأرض والسماء وعلى المخلوق وعلى الخالق، لأن هذا أولاً لن يغير الواقع.
فالإنسان الذي ولد أعمى أو أعرج لا يستطيع أن يغّير هذا، ولكن يستطيع أن يقاوم هذا بأشياء أخرى وهبها الله له، فيستغل هذه المواهب الإلهية والنعم الإلهية في تعويض النقص الذي ابتلي به، هذا هو الذي ينبغي على الإنسان المؤمن، لا يستسلم لهذا النقص الذي ابتلي به ويعتبر نفسه خارج الكون وخارج المجتمع ولم يعد له مكان، لا لابد أن يجتهد ويكافح ويعلم أن مكانه محفوظ، وأن الله لا يمكن أن يضيعه، فإن الله لا يضيع من أحسن عملاً.