لا يلزم المسلم الذي دخل الإسلام جديدا أو غيره أن يتبع مذهبا معينا من المذاهب الفقهية، ولكل مسلم أن يختار أي مذهب من المذاهب المعتبرة، ولا يجوز التعصب له وإلزام الغير به.
والمسلمون الجدد لهم في تعدد الآراء والمذاهب سعة في الدين ترفع عنهم الحرج، فلا يلزمهم اتباع مذهب بعينه.
جاء في فتاوى المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء:
اتباع مذهب من المذاهب الفقهية (الأربعة أو غير الأربعة) ليس بلازم ولا واجب شرعًا، إذ لا واجب إلا ما أوجبه الله تعالى ورسوله ﷺ، ولم يوجب الله ولا رسوله اتباع أبي حنيفة أو مالك أو غيرهما ، إنما أوجبا اتباع الكتاب والسنة ، فهما المصدران المعصومان اللذان لا يضلان ولا يخطئان، وكل أحد بعد ذلك يؤخذ من كلامه ويترك. وقد ثبت أن الأئمة المتبوعين أنفسهم نهوا عن تقليدهم التقليد المطلق .
على أنه من المقرر لدى الفقهاء : أن العامي لا مذهب له ، وإنما مذهبه مذهب من يفتيه.
ويراد بالعامي: من لم يبلغ درجة النظر في أدلة الأحكام ، والقدرة على الموازنة بينها ، ومعرفة قويها من ضعيفها، فهذا ليس له مذهب ، لأن اختيار مذهب يعني ترجيح أصوله على أصول غيره، وهذا لا يقدر عليه إلا العالم المتمكن الذي بلغ درجة النظر والترجيح، وأما من عداه فهو العامي الذي قالوا: إن مذهبه مذهب من يفتيه من العلماء، فكلما عرضت له قضية يجهل حكمها سأل عنها أي عالم من علماء الشرع المعتبرين، فأفتاه بحكمها وفق اجتهاده إن كان مجتهدًا، أو وفق مذهبه إن كان مقلدًا.
فعلى السائل أن يأخذ بفتواه ويتبعه فيما أجابه فيه ، كما قال تعالى: ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) {النحل: 43} وقال الرسول الكريم ﷺ في شأن قوم: ( ألا سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال ).
وإذا نشأ المسلم العامي في بلد ووجد كل علمائه يتبعون مذهبًا معينًا فلا مانع أن يتبع المذهب السائد في بلده، لأنه في الواقع يتبع علماء البلدة ، وهذا مذهبهم.
ولكن يجب عليه ألا يتعصب لمذهبه ، ولا ينتقص المذاهب الأخرى ، وإذا ظهر له ضعف مذهبه في هذه المسألة الضعيفة الدليل يتبع المذهب القوي والراجح ، فالمسلم الحق أسير الدليل يتبعه حيثما كان.
وقد روى عن أبي حنيفة قوله : هذا رأينا ، فمن جاءنا بأحسن منه قبلناه ، وقال مالك: كل أحد يؤخذ من كلامه ويترك إلا صاحب هذا القبر (وأشار إلى قبر النبي ﷺ) ، وقال الشافعي: إذا صح الحديث فخذوا به واضربوا بقولي عرض الحائط.
وكل مسلم حر في اختيار المذهب الذي يراه أوفق وأولى، وليس من اللازم أن يتبع الابن أباه، أو تتبع المرأة زوجها في مذهبه.
والذي نرجحه ونراه أرفق بالمسلمين الجدد: ألا يلتزموا بمذهب معين ، فهذا قد يضيق عليهم كثيرًا مما وسع الله فيه، ولا مبرر لأن نفرض عليهم المذهبية الضيقة ، وحسبهم الدخول في الإسلام الرحب بنصوصه ومقاصده ، فقد يضيق بهم مذهب ويسعهم آخر، ويعسر عليهم مذهب وييسر عليهم غيره ، ونحن مأمورون بالتيسير لا التعسير، والتبشير لا التنفير، وخصوصًا مع الداخلين الجدد في دين الله تعالى.