يتجلى لطف الله أنه لن يترك من آثر رضاه ، وقدم طاعته فالمطلوب من المسلم أن يصير لذته فيما يرضى مولاه و إن كان مخالفا لهواه، و يكون ألم فيما يكره مولاه و إن كان موافقا لهواه…. فإن وجد الله منه ذلك فساعتئذ يأتي الفرج، كما وجده الله من سيدنا إبراهيم حينما أسلم إسماعيل للذبح واستلم السكين وهوى بها على رقبته فعنئدئذ – وعندئذ فقط- ناداه الله بقوله : ” فلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107)”.

ماذ قال الإمام ابن القيم في من ترك لله شيئا:-

عنوان هذا الباب وقاعدته أن من ترك لله شيئا عوضه الله خيرا منه كما ترك يوسف الصديق عليه السلام امرأة العزيز لله واختار السجن على الفاحشة فعوضه الله أن مكنه في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء وأتته المرأة صاغرة سائلة راغبة في الوصل الحلال فتزوجها فلما دخل بها قال هذا خير مما كنت تريدين فتأمل كيف جزاه الله سبحانه وتعالى على ضيق السجن أن مكنه في الأرض ينزل منها حيث يشاء وأذل له العزيز امرأته وأقرت المرأة والنسوة ببراءته، وهذه سنته تعالى في عباده قديما وحديثا إلى يوم القيامة،

من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه:

لما عقر سليمان بن داود عليهم السلام الخيل التي شغلته عن صلاة العصر حتى غابت الشمس سخر الله له الريح يسير على متنها حيث أراد.

ولما ترك المهاجرون ديارهم لله وأوطانهم التي هي أحب شيء إليهم أعاضهم الله أن فتح عليهم الدنيا وملكهم شرق الأرض وغربها.

ولو اتقى الله السارق وترك سرقة المال المعصوم لله لآتاه الله مثله حلالا قال الله تعالى ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب فأخبر الله سبحانه وتعالى أنه إذا اتقاه بترك أخذ مالا يحل له رزقه الله من حيث لا يحتسب وكذلك الزاني لو ترك ركوب ذلك الفرج حراما لله لأثابه الله بركوبه أو ركوب ما هو خير منه حلالا.

وقال الإمام أحمد حدثنا هشيم حدثنا عبدالرحمن بن إسحاق عن محارب بن دثار عن صلة عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال قال رسول الله النظرة إلى المرأة سهم من سهام إبليس مسموم من تركه خوف الله أثابه الله إيمانا يجد حلاوته في قلبه . انتهى.