معنى “الشافي” في اللغة:
الشفاء: البرء من المرض.
ويقال شفاه الله يشفيه شفاء.
والشفاء أيضا: ما يبرئ من المرض.
يقال أشفاه الله عسلا، إذا جعله له شفاء، حكاه أبو عبيده.
واستشفى: طلب الشفاء، ونال الشفاء أيضا.
اسم الله “الشافي” في السنة النبوية:
ورد في حديث عائشة رضي الله عنها قالت : إن رسول الله ﷺ كان إذا أتى مريضا أو أتي به إليه قال عليه الصلاة والسلام : ” أذهب البأس، رب الناس، اشف وأنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما” رواه البخاري.
وقد ورد في القرآن فعلا، في قوله تبارك تعالى : ( وإذا مرضت فهو يشفين ).
معنى “الشافي” في حق الله تبارك وتعالى:
قال الحليمي: قد يجوز أن يقال الدعاء : يا شافي يا كافي ، لأن الله عز وجل يشفي الصدور عن الشبه والشكوك، ومن الحد والغلول، والأبدان من الأمراض والآفات، ولا يقدر على ذلك غيره، ولا يدعى بهذا الاسم سواه.
ومعنى الشفاء : رفع ما يؤذي أو يؤلم من البدن.
من آثار الإيمان باسم الله “الشافي”:
1 – الله تبارك اسمه هو الشافي الحقيقي لكل آفة أو عاهة ومرض بدني أو نفسي، فقوله ﷺ في الحديث ” اشف أنت الشافي ” دليل على الإطلاق هو الله وحده جل شأنه.
قال القرطبي : فيجب على كل مكلف أن يعتقد ألا شافي على الإطلاق إلا الله وحده، وقد بين ذلك رسول الله ﷺ بقوله ” لا شافي إلا أنت” فيعتقد الشفاء له وبه ومنه، وان الأدوية المستعملة لا توجب شفاء، وإنما هي أسباب وأوساط يخلق الله عندها فعله وهي الصحة التي لا يخلقها أحد سواه جل جلاله فكيف ينسبها إلى جماد من الأدوية أو سواها، ولو شاء ربك لخلق الشفاء دون سبب.
ولكن لما كانت الدنيا دار أسباب جرت السنة فيها بمقتضى الحكمة، على تعليق الأحكام بالأسباب، وإلى هذا أشار جبريل عليه السلام وإياه أوضح بقوله لرسول الله ﷺ:” بسم الله أرقيك، الله يشفيك” فبين أن الرقية منه، وهي سبب لخلق الله وهو الشفاء.
2 – فمنه تعالى شفاء النفوس من أسقامها، والأبدان من أمراضها، فأنزل القرآن العظيم شفاء لعباده ورحمة، كما قال سبحانه: ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا) الإسراء:82
قال الإمام الطبري: يقول الله تعالى ذكره: وننظزل عليك يا محمد من القرآن ما هو شفاء يستشفى به من الجهل من الضلالة، ويبصر به من العمى، للمؤمنين، ورحمة لهم دون الكافرين به، لأن المؤمنين بعملون بما فيه من فرائض الله، ويحلون حلاله ويحرمون حرامه فيدخلهم بذلك الجنة، وينجبهم من عذابه، فهو لهم رحمة ونعمة من الله ، بما أنعم بها عليهم.
( ولا يزيد الظالمين إلا خسارا ) يقول : ولا يزيد هذا الذي ننزل عليكمن القرآن الكافرين به إلا خسارا، يقول : إهلاكا، لأنهم كلما نزل فيه أمر من الله بشيء أو نهي عن شيء كفروا به، فلم يأتمروا لأمره، ولم ينتهوا عما نهاهم عنه، فزادهم ذلك خسارا إلى ما كانوا فيه قبل ذلك من الخسار ، ورجسا إلى رجسهم قبل.
وأما الأبدان فإنه تعالى أنزل الداء وأنزل الدواء ، علمه من علمه وجهله من جهله، كما قال ﷺ: ” ما أنزل الله داء إلا وأنزل له شفاء”.
وقال ﷺ في الحديث الذي يرويه جابر بن عبد الله : ” لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله عز وجل” رواه مسلم.
وقال ﷺ : “إن الله عز وجل لم ينزل داء إلا وأنزل له شفاء، علمه من علمه، وجهله من جهله” رواه أحمد.
قال الحافظ ابن حجر بعد سياقه لطائفة من الأحاديث في الباب: وفي مجموع هذه الألفاظ ما يعرف منه المراد بالإنزال في حديث الباب، وهو : إنزال علم ذلك على لسان الملك للنبي ﷺ مثلا، أو عبر بالإنزال عن التقدير، وفيها التقييد بالحلال فلا يجوز التداوي بالحرام.
وفي حديث جابر منها الإشارة إلى أن الشفاء متوقف على الإصابة بإذن، وذلك أن الدواء قد يحصل معه مجاوزة الحد في الكيفية أو الكمية فلا ينجع، بل ربما أحدث داء آخر، وفي حديث ابن مسعود الإشارة إلى أن بعض الأدوية لا يعلمها كل أحد، وفيها كلها إثبات الأسباب، وأن ذلك لا ينافي التوكل على الله لمن اعتقد أنها بإذن الله وتقديره، وأنها لا تنجع بذواتها بل بما قدره الله تعالى فيها، وأن الدواء قد ينقلب داء إذا قدر الله ذلك، وإليه الإشارة بقوله في حديث جابر” بإذن الله” فمدار ذلك كله على تقدير الله وإرادته.
والتداوي لا ينافي التوكل كما لا ينافيه دفع الجوع والعطش بالأكل والشرب، وكذلك تجنب المهلكات والدعاء بطلب العافية ودفع المضار وغير ذلك.
من كتاب النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى للدكتور محمد بن حمد الحمود النجدي.