الإرث يملكه الوارث بمجرد الموت، فهو من الأموال التي تدخل ذمة الإنسان جبرا، وأموال الشهيد تنقسم قسمين:
1) ماله الذي اكتسبه في حياته وهذا يقسم حسب الأنصبة الشرعية لأصحابها.
2) المال الذي يصرف لأولاده بسبب موته فهناك اختلاف بين العلماء فيه، فمنهم من قاسها على الدية، وجعلها تقسم على ورثته[1].
والقول الثاني: إن هذا المال لا يعد من التركة، ولا يقسم على حسب الأنصبة الشرعية بل هو مال يُرجع فيه إلى شرط الجهة التي تنظمه، وبهذا أفتى فضيلة الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر السابق ـ رحمه الله ـ فإن أقامت الجهة المنظمة الأم قيّمة على هذا المال. وهذا الذي أراه راجحا.
وعلى هذا فالمال هبة من الجهة التي منحتها، والمرجع في تقسيم الهبة هو الواهب، كما أن شرط الواقف كشرط الشارع، فعلى هذه الأم أن تقوم على مصالح اليتيم الذي في حجرها، ومن مصالحه أن تحفظ له ماله ولا تبدده، وعلى أقارب اليتيم أن يساعدوها ويعينوها في هذا الأمر.
فمال اليتيم ليس مغنما يطمع فيه الناس، فقد جاء التحذير والوعيد الشديد من الله سبحانه وتعالى لآكل مال اليتيم، قال تعالى: ” إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ” [النساء:10] وقال تعالى:” وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا” [النساء:2]
وفي الحديث الثابت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال : “اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ قَالَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ .
وأحيانا تحتاج الأم إلى الأخذ من مال اليتيم فلها أن تأكل بالمعروف، وأكلها بالمعروف له ضابط إما قدر حاجتها الأساسية أو قدر أجرة مثلها، وهناك من الفقهاء من قدَّر للأم أجرة الحضانة من مال اليتيم. قال تعالى:”وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوف [النساء:6]. وإن كان الفقهاء جعلوا الأحوط للذمة والأبرأ لها أن يرد لليتيم ماله إذا أيسر ولي اليتيم.
أمَّا غير الأم من أقارب اليتيم فلا يحق لهم الأخذ من مال اليتيم، ويدخل تحت الوعيد السابق إن هو تجاوز حدود الله.
[1] الأموال التي تدفع لذوي الشهداء تجري مجرى الدية.