جمهور العلماء المعاصرين يحرمون العمل في البنوك الربوية، : وهذا الرأي هو الراجح قطعا، ولكن ذهب الشيخ القرضاوي إلى جواز العمل في البنوك الربوية خاصة لمن لم يجد عملا آخر، وإن كنا ابتداء لا نقول لأحدا بجواز العمل في البنوك الربوية.

ومن المعروف أن أعمال البنوك ليست كلها على درجة واحدة، فمنها الحرام الظاهر كالفوائد وما يتصل بها، ومنها الحلال الظاهر كالعمولة التي يحصلها البنك من عمليات الحوالة، وصرف المعشات، وصرف العملات،وتأجير الصناديق الحديدية، واستخراج الشيكات، وعمليات التحصيل.

ومعنى ذلك أن الراتب ليس كله حراما، ولكنه مال مختلط بعضه حلال، وبعضه حرام.

حكم راتب ومكافأة نهاية الخدمة لمن يعمل في بنك ربوي

المعاش الذي تصرفه جهة العمل ليس كله حراما؛ لأن المعاش يتكون من رافدين:
الرافد الأول : الجزء الذي يخصم من الموظف،وهذا بعضه حلال، وبعضه حرام لأنه من الراتب المختلط.

الرافد الثاني : ما يخرجه البنك نفسه بناء على قوانين الدولة ، وهذا في ذاته منحة تفرضها الدولة، فتكون نسبة الحلال في هذا الرافد أكثر من نسبته في الأول بالرغم من أن المنحة تصرف من أعمال البنك التي يرجع معظمها إلى الحرام، وذلك لما أجازه بعض الفقهاء من جواز أن يأخذ الدائن دينه من المدين حتى لو كان الدائن يقضي الدين من الربا.

لا حرج عليه في أخذ مكافأة نهاية الخدمة عن المدة التي كان يجهل فيها تحريم العمل

حكم العمل في البنك الربوي جاهلا بالتحريم

من عمل في البنك الربوي جاهلا بالتحريم ، حلَّ له الراتب الذي تقاضاه ، سواء كان قد أنفقه، أو بقي في يده ؛ لقوله تعالى: ( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) البقرة/275 .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : “من فوائد الآية : أن ما أخذه الإنسان من الربا قبل العلم بالتحريم : فهو حلال له ، بشرط أن يتوب وينتهي” انتهى.

وجاء في ” فتاوى اللجنة الدائمة في المملكة العربية السعودية “: أنا أعمل في أحد البنوك ، وكما تعلمون فضيلتكم أن البنوك تتعامل بالفوائد ، فهي تعطي المواطنين قروضا بفوائد ، وتقبل منهم الودائع بفوائد أيضا، وقد علمت أن العمل بالبنوك حرام ؛ لأنها على هذه الحال تعتبر بنوكا ربوية، وإني أطلب من سيادتكم إجابتي عن استفساراتي التالية:
1- هل عملي بالبنك حرام ، أم إنني أعمل مقابل أجر ولست أنا صاحب المال؟
2- هل أترك العمل بالبنك ، وأبحث عن عمل آخر، وهل أترك البنك قبل الحصول على عمل آخر، أم أبحث عن عمل أولا ، ثم أترك البنك؟ هذا مع العلم إنني لن أجد أي عمل يكافئني عن عمل البنك من حيث الراتب.
3- إذا كاد العمل بالبنوك حراما ، فما حكم الفترة التي بها لي البنك، والتي تصل حوالي 12 سنة، وهل ما جمعت من أموال تعتبر أموال حرام أم حلال؟ وقد سبق أن حجيت إلى بيت الله الحرام ، وطبعا كانت النفقة من مالي، وهو من راتب البنك، فهل هذه الحجة مقبولة؟
الجواب:
أولا: العمل في البنوك التي تتعامل بالربا من الأمور المحرمة ، ولا يجوز لك أن تستمر فيه؛ لأنه من التعاون على الإثم والعدوان، وقد نهى الله عنه بقوله: (وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) ، وقد ثبت عن رسول الله من حديث جابر رضي الله عنه: ( أن رسول الله لعن آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه ) .
ثانيا: المدة التي جلستها في البنك للعمل فيها : نرجو من الله أن يغفر إثمها عنك، وما جمعته من نقود وقبضتها بسبب العمل في البنك عن المدة الماضية : لا إثم عليك فيها؛ إذا كنت تجهل الحكم في ذلك.انتهى