للعقيدة الإسلامية مزايا لا تتوافر لغيرها من العقائد فهي:
1- عقيدة واضحة:
فهي عقيدة واضحة بسيطة لا تعقيد فيها ولا غموض، تتلخص في أن وراء هذا العالم البديع المنسق المحكم ربًا واحدًا خلقه ونظمه. وقدر كل شيء فيه تقديرًا، وهذا الإله أو الرب ليس له شريك ولا شبيه ولا صاحبة ولا ولد: (بل له ما في السموات والأرض، كل له قانتون).
وهذه عقيدة واضحة مقبولة، فالعقل دائما يطلب الترابط والوحدة وراء التنوع والكثرة، ويريد أن يرجع الأشياء دوما إلى سبب واحد.
فليس في عقيدة التوحيد ما في عقائد التثليث أو المثنوية ونحوها من الغموض والتعقيد الذي يعتمد دائمًا على الكلمة المأثورة عند غير المسلمين: “اعتقد وأنت أعمى”.
2- عقيدة الفطرة:
وهي عقيدة ليست غريبة عن الفطرة ولا مناقضة لها، بل هي منطبقة عليها انطباق المفتاح المحدد على قفله المحكم، وهذا هو صريح القرآن: (فأقم وجهك للدين حنيفًا، فطرة الله التي فطر الناس عليها، لا تبديل لخلق الله، ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون).
وصريح الحديث النبوي: “كل مولود يولد على الفطرة ـ أي على الإسلام وإنما أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه”. فدل على أن الإسلام هو فطرة الله، فلا يحتاج إلى تأثير من الأبوين.
أما الأديان الأخرى من يهودية ونصرانية ومجوسية فهي من تلقين الآباء والأمهات.
3- عقيدة ثابتة:
وهي عقيدة ثابتة محددة لا تقبل الزيادة والنقصان، ولا التحريف والتبديل فليس لحاكم من الحكام، أو مجمع من المجامع العلمية، أو مؤتمر من المؤتمرات الدينية، أن يضيف إليها أو يحوّر فيها، وكل إضافة أو تحوير مردودة على صاحبها، والنبي ﷺ يقول: “من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد” أي مردود عليه.
والقرآن يقول مستنكرًا: (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله).. وعلى هذا فكل البدع والأساطير والخرافات التي دست في بعض كتب المسلمين أو أشيعت بين عامتهم باطلة مردودة لا يقرها الإسلام ولا تؤخذ حجة عليه.
4- عقيدة مبرهنة:
وهي عقيدة “مبرهنة” لا تكتفي من تقرير قضاياها بالإلزام المجرد والتكليف الصارم، ولا تقول كما تقول بعض العقائد الأخرى: “أعتقد وأنت أعمى” أو “آمن ثم اعلم” أو “أغمض عينيك ثم اتبعني” أو “الجهالة أم التقوى“، بل يقول كتابها بصراحة: (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين)، ولا يقول أحد علمائها ما قاله القديس الفيلسوف المسيحي “أوغسطين”: “أومن بهذا لأنه محال”! بل يقول علماؤها: إن إيمان المقلد لا يقبل.
وكذلك لا تكتفي بمخاطبة القلب والوجدان والاعتماد عليهما أساسا للاعتقاد، بل تتبع قضاياها بالحجة الدامغة، والبرهان الناصع، والتعليل الواضح، الذي يملك أزمة العقول، ويأخذ الطريق إلى القلوب، ويقول علماؤها: إن العقل أساس النقل… والنقل الصحيح لا يخالف العقل الصريح.
فنرى القرآن في قضية الألوهية يقيم الأدلة من الكون ومن النفس ومن التاريخ على وجود الله وعلى وحدانيته وكماله.
وفي قضية البعث يدلل على إمكانه بخلق الإنسان أول مرة، وخلق السموات والأرض، وإحياء الأرض بعد موتها، ويدلل على حكمته بالعدالة الإلهية في إثابة المحسن، وعقوبة المسيء:
(ليجزى الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى).
5- عقيدة وسط :
وهى عقيدة وسط لا تجد فيها إفراطًا ولا تفريطًا..
هي وسط بين الذين ينكرون كل ما وراء الطبيعة مما لم تصل إليه حواسهم، وبين الذين يثبتون للعالم أكثر من إله، بل يحلون روح الإله في الملوك والحكام! بل في بعض الحيوانات والنبات مثل الأبقار والأشجار! فقد رفضت الإنكار الملحد، كما رفضت التعديد الجاهل، والإشراك الغافل، وأثبتت للعالم إلها واحدا، لا إله إلا هو: (قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون، سيقولون لله، قل أفلا تذكرون، قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم، سيقولون لله، قل أفلا تتقون، قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون، سيقولون لله، قل فأنى تسحرون).
وهي عقيدة وسط في صفات الإله..
فليس فيها الغلو في التجريد الذي جعل صفات الإله مجرد سلوب لا تعطى معنى، ولا توحي بخوف أو رجاء ـ كما فعلت الفلسفة اليونانية ـ فكل ما وصفت به الإله أنه ليس بكذا وليس بكذا.. من غير أن تقول ما صفات هذا الإله الإيجابية؟ وما أثرها في هذا العالم؟
ويقابل هذا أنها خلت من التشبيه والتجسيم الذي وقعت فيه عقائد أخرى كاليهودية، التي جعلت الخالق كأحد المخلوقين من الناس، ووصفته بالنوم والتعب والراحة، والتحيز والمحاباة والقسوة..و.. وجعلته يلتقي ببعض الأنبياء فيصارعه فيغلبه ويصرعه، فلم يتمكن الرب من الإفلات منه حتى أنعم عليه بلقب جديد!