أجمع الفقهاء على أن الواجب للخروج من الصلاة تسليمة واحدة، أما التسليمة الثانية فهي سنة، وعلى هذا فالأكمل للمأموم أن يقوم لإتمام صلاته بعد أن يسلم الإمام التسليمتين، ولكن إن قام المأموم بعد التسليمة الأولى فلا حرج عليه وصلاته صحيحة.
يقول فضيلة الدكتور حسام عفانه –أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين-:
اتفق أكثر أهل العلم على أن التسليم فريضة من فرائض الصلاة وقد ثبتت الأحاديث بذلك ومنها عن علي –رضي الله عنه- أن النبي ﷺ قال :( مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم ) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة وغيرهم وصححه الترمذي والنووي وابن حجر والألباني ، انظر إرواء الغليل 2/9 .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت :( كان رسول الله ﷺ يختم الصلاة بالتسليم ) رواه مسلم . وعن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال :( كنت أرى النبي ﷺ يسلم عن يمينه وعن يساره حتى أرى بياض خده ) رواه مسلم.
وبعد اتفاق جمهور أهل العلم على أن التسليم فرض اختلفوا هل المطلوب تسليمة واحدة أو تسليمتان؟
فذهب جمهور العلماء إلى أن التسليمة الأولى واجبة والثانية سنة ، قال ابن المنذر :[ أجمع العلماء على أن صلاة من اقتصر على تسليمة واحدة جائزة ) المجموع 32/482.
وقال الإمام النووي: [وأجمع العلماء الذين يعتد بهم على أنه لا يجب إلا تسليمة واحدة ] شرح النووي على صحيح مسلم 2/236.
وقال الداودي: [وأجمع العلماء على أن من سلم واحدة فقد تمت صلاته] المفهم 2/204.
قال الشيخ ابن قدامة المقدسي :[ والواجب تسليمة واحدة والثانية سنة ، قال ابن المنذر : أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن صلاة من اقتصر على تسليمة واحدة جائزة ] المغني 1/396 .
إذا تقرر هذا فإن صلاة المسبوق مرتبطة بصلاة الإمام في المتابعة فأقول: الأكمل في حق المسبوق أن لا يقوم إلى قضاء ما فاته من الصلاة إلا بعد أن يفرغ إمامه من التسليمتين لأن الإمام جعل ليؤتم به كما هو ثابت في الحديث، والمسبوق يأتي بما فاته بعد انتهاء الإمام من الصلاة .
فقد جاء في الحديث عن المغيرة بن شعبة –رضي الله عنه- قال: (تخلفت مع رسول الله ﷺ في غزوة تبوك فتبرز، وذكر وضوءه ثم عمد الناس وعبد الرحمن يصلي بهم فصلى مع الناس الركعة الأخيرة فلما سلّم عبد الرحمن قام رسول الله ﷺ يتم صلاته فلما قضاها أقبل عليهم فقال : قد أحسنتم وأصبتم يغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتها ) متفق عليه.
فيؤخذ من هذا الحديث أن المسبوق يقوم لقضاء ما فاته بعد سلام إمامه والظاهر من الحديث أن النبي ﷺ قام لقضاء الركعة الفائتة بعد أن سلم الإمام التسليمتين وهذا مستحب.
قال الحافظ ابن عبد البر :[ ولم يختلف قول مالك أن المسبوق لا يقوم إلى القضاء حتى يفرغ الإمام من التسليمتين إذا كان ممن يسلم التسليمتين ] الاستذكار 4/290 .
وأما إذا قام المسبوق لقضاء ما فاته من صلاته بعد فراغ إمامه من التسليمة الأولى ولم ينتظر التسليمة الثانية فصلاته صحيحة ولا شيء عليه لأن صلاة الإمام ينقضي الواجب فيها بالتسليمة الأولى والتسليمة الثانية سنة .
نقل الحافظ ابن عبد البر عن الليث بن سعد فقيه مصر أنه قال في المسبوق ببعض الصلاة: [لا أرى بأساً أن يقوم بعد التسليمة الأولى] الاستذكار 4/291.
وقال الإمام النووي: [اتفق أصحابنا على أنه يستحب للمسبوق أن لا يقوم ليأتي بما بقي عليه إلا بعد فراغ الإمام من التسليمتين وممن صرح به البغوي والمتولي وآخرون ونص عليه الشافعي رحمه الله في مختصر البويطي فقال:
ومن سبقه الإمام بشيء من الصلاة فلا يقوم لقضاء ما عليه إلا بعد فراغ الإمام من التسليمتين. قال أصحابنا فإن قام بعد فراغه من قوله السلام عليكم في الأولى جاز لأنه خرج من الصلاة ] المجموع 3/483.
وقال الإمام النووي أيضاً :[ إذا سلم الإمام التسليمة الأولى انقضت قدوة المأموم الموافق والمسبوق لخروجه من الصلاة ] المجموع 3/384 .