على الزوج أن يديم تذكير زوجته بالصلاة بالترغيب تارة، وبالترهيب أخرى، ويبين لها أثر الصلاة على الفرد من الطمأنينة، والسكينة وغير ذلك، وعليه أن يخوفها أن تارك الصلاة كسلا دائر بين الكفر والفسق، أفيرضى أحد أن يكون فاسقا في أقل أحواله.
وإن تارك الصلاة مختلف في انتسابه للإسلام، ففريق يقول قد خرج من الإسلام وكفر، وفريق يقول: لم يخرج لكنه فاسق.
ولا مانع من امتناع الزوج عن الأكل معها، وهجرها، ومقاطعتها، وتهديدها بالطلاق والإبعاد عنها إذا رأى الزوج أن هذه وسائل مجدية.
وعليه أن يعرفها بمكانة الصلاة في الإسلام وأهميتها وأثرها الروحي على المسلم.
ما هي مكانة الصلاة في الإسلام
يقول الدكتور يوسف القرضاوي :
الصلاة هي عمود الإسلام , وفريضته اليومية المتكررة , وأول ما يحاسب المؤمن عليه يوم القيامة , وهي الفيصل الأول بين الإسلام والكفر , وبين المؤمنين والكفار . وهذا ما أكده الرسول ﷺ في أحاديثه : ” بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة ” ، وقوله ﷺ:” العهد الذي بيننا وبينهم : الصلاة , فمن تركها فقد كفر ” . وكان هذا المعنى واضحاً تمام الوضوح لدى الصحابة رضوان الله عليهم , قال عبد الله بن شقيق العقيلي : ” كان أصحاب رسول الله ﷺ لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة ” .
ولا غرو أن جعل القرآن الصلاة فاتحة خصال المؤمنين المفلحين وخاتمتها , فهو في البدء يقول ( قد أفلح المؤمنون ، الذين هم في صلاتهم خاشعون ) (سورة المؤمنون : 1 ، 2) , وفي الختام يقول : ( والذين هم على صلواتهم يحافظون ) (سورة المؤمنون : ) ، دلالة على مكانة الصلاة في حياة الفرد المسلم والمجتمع المسلم .كما جعل القرآن إضاعة الصلاة من صفات المجتمعات الضالة المنحرفة , وأما التمرد عليها والسخرية بها , فهو من سمات المجتمع الكافر . يقول سبحانه : ( فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات , فسوف يلقون غياً ) (سورة : مريم) , ويقول تعالى في شأن الكفرة المكذبين : (وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون) ، وفي آية أخرى : (وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوًا ولعبًا , ذلك بأنهم قوم لا يعقلون) .
إن المجتمع المسلم مجتمع رباني الغاية والوجهة , كما أنه رباني النشأة والمصدر ؛ مجتمع موصول الحبال بالله , مرتبط بعروته الوثقى , والصلاة هي العبادة اليومية التي تجعل المسلم دائماً على موعد مع الله , كلما غرق في لجج الحياة جاءت الصلاة فانتشلته , وكلما أنسته مشاغل الدنيا ربه جاءت الصلاة فذكرته , وكلما غشيه دنس الذنوب , أو غير قلبه تراب الغفلة , جاءت الصلاة فطهرته , فهي (الحمام) الروحي الذي تغتسل فيه الأرواح , وتتطهر فيه القلوب كل يوم خمس مرات , فلا يبقى من درنها شيء .
روى ابن مسعود عن النبي ﷺ : ” تحترقون تحترقون , فإذا صليتم الصبح غسلتها , ثم تحترقون تحترقون , فإذا صليتم الظهر غسلتها , ثم تحترقون تحترقون , فإذا صليتم العصر غسلتها , ثم تحترقون تحترقون , فإذا صليتم المغرب غسلتها, ثم تحترقون تحترقون , فإذا صليتم العشاء غسلتها , ثم تنامون فلا تكتب عليكم حتى تستيقظوا ” .
أهمية صلاة الجماعة
امتازت الصلاة الإسلامية بالجماعة , كما امتازت بالأذان . فالجماعة في الصلاة إما فرض كفاية , كما يقول أكثر الأئمة , وإما فرض عين كما يقول الإمام أحمد . ولأهمية الجماعة هم النبي ﷺ , أن يحرق على قوم بيوتهم بالنار , لأنهم كانوا يتخلفون عن الجماعات ويصلون في بيوتهم . وقال ابن مسعود في الجماعة : ” لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا مريض أو منافق معلوم النفاق .
ولأهمية صلاة الجماعة حرص الإسلام على إقامتها ولو في أثناء الحرب ، وهذا كما يدلنا على منزلة الجماعة , يدلنا على منزلة الصلاة نفسها , فاستعار المعارك , وتربص العدو , والاشتغال بالجهاد في سبيل الله , لا يسقط الصلاة أو يشغل عنها , وإنما يجب أن تؤدى بالصورة المستطاعة , ولو بلا ركوع ولا سجود , ولا استقبال قبله , عند الالتحام , ويكفى عند الضرورة النية وما يمكن من التلاوة والإشارة والذكر , قال تعالى : (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ، فإن خفتم فرجالاً أو ركبانا , فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون[ (سورة : البقرة ) , ومعنى : (فرجالاً أو ركبانا) : أي صلوا مشاة أو راكبين , مستقبلين القبلة أو غير مستقبليها كيف استطعتم . وينطبق هذا على راكبي الطائرات والدبابات والمصفحات ونحوها .
وامتازت الصلاة الإسلامية بالأذان : ذلك النداء الرباني الذي ترتفع به الأصوات كل يوم خمس مرات , معلمة بدخول وقت الصلاة معلنة بالعقائد الرئيسية والمبادئ الأساسية للإسلام : ( الله أكبر – أربع مرات , أشهد أن لا إله إلا الله , أشهد أن محمدا رسول الله – مرتين , حي على الصلاة – مرتين, على الفلاح – مرتين , الله أكبر – مرتين , لا إله إلا الله ) .
هذا الأذان بمنزلة النشيد القومي لأمة الإسلام , تعلو به صيحات المؤذنين فيجاوبهم المؤمنون في كل مكان , فيرددون معهم ألفاظ الأذان ذاتها , تأكيدا لمعانيها في الأنفس , وتثبيتا لها في العقول والقلوب .
والصلاة – كما شرعها الإسلام – ليست مجرد صلة روحية في حياة المسلم . إنها – بما سن لها من الأذان والإقامة , وما شرع لها من التجمع والانتظام وما أقيم لها من بيوت الله ، وما اشترط لها من النظافة والطهارة , وأخذ الزينة , واستقبال القبلة , وتحديد المواقيت , وما ركب فيها من حركات وتلاوة وأقوال وأفعال , تفتتح بالتكبير وتختتم بالتسليم – بهذا كله أصبحت أكثر من عبادة مجردة , إنها نظام حياة , ومنهج تربية وتعليم متكامل . يشمل الأبدان والعقول والقلوب . فالأبدان تنظف وتنشط , والعقول تتعلم وتتثقف , والقلوب تتزكى وتتطهر . الصلاة تطبيق عملي لمبادئ الإسلام السياسية والاجتماعية المثلى , فتحت المسجد تتجلى معاني الإخاء والمساواة والحرية , وتبرز معاني الجندية المؤمنة, والطاعة المبصرة , والنظام الجميل .
ما هو الجانب الروحي للصلاة
يقول الإمام حسن البنا مبينا أثرها الروحي : ( ولا يقف أثر الصلاة عند هذا الحد الفردي , بل إن الصلاة كما وصفها الإسلام بأعمالها الظاهرة , وحقيقتها الباطنة , منهاج كامل لتربية الأمة الكاملة : فهي بأعمالها البدنية وأوقاتها المنتظمة خير ما يفيد البدن , وهي بآثارها الروحية وأذكارها وتلاوتها خير ما يهذب النفس ويرقق الوجدان , وهي باشتراط القراءة فيها – والقرآن الكريم منهاج ثقافة شامل – تغذي العقل وتمد الفكر بكثير من حقائق العلوم والمعارف , فيخرج المصلي المتقن وقد صح بدنه , ورق شعوره , وغذى عقله , فأي كمال في التربية الإنسانية الفردية بعد هذا ؟! ثم هي باشتراط الجمعة والجماعة تجمع الأمة خمس مرات في كل يوم , ومرة في كل أسبوع على المعاني الاجتماعية الصالحة من الطاعة والنظام والحب والإخاء والمساواة بين يدي الله العلي الكبير , فأي كمال في المجتمع أتم من أن يقوم على هذه الدعائم , ويشيد على هذه المثل العالية ؟! إن الصلاة الإسلامية تربية للفرد كاملة , وبناء للأمة مشيد ) .
ومن أجل هذا كله عنى المجتمع المسلم في عصور السلف الصالح بأمر الصلاة حتى سموها ( الميزان ) بها توزن أقدار الأشخاص , وتقاس منازلهم ودرجاتهم , فإذا أرادوا أن يعرفوا دين رجل ومدى استقامته سألوا عن صلاته , ومقدار محافظته عليها وإحسانه لها . وهذا مصداق الحديث النبوي : ” إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان ” , ثم تلا : ] إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله , فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين[ (سورة التوبة : 18).
ومن هنا كانت أول مؤسسة أنشأها الرسول e , بعد أن هاجر إلى المدينة هي المسجد النبوي , الذي كان جامعًا للعبادة , ومدرسة للعلم , وبرلماناً للتفاهم .
حكم تارك الصلاة
أجمع الأئمة على أن من تركها جحوداً لها واستخفافاً بها فقد كفر , واختلفوا فيمن تركها عمداً كسلاً :
فمنهم من حكم عليه بالكفر واستحقاق القتل , كأحمد وإسحاق .
ومنهم من حكم عليه بالفسق واستحقاق القتل كمالك والشافعي.
ومنهم من حكم عليه بالفسق واستحقاق التعزير والتأديب بالضرب والحبس حتى يتوب ويصلى كأبي حنيفة .
ولم يقل أحد منهم : إن الصلاة متروكة لضمير المسلم إن شاء أداها ، وإن شاء تركها , وحسابه على الله , بل أجمعوا على أن من واجب الحاكم أو الدولة المسلمة أن تتدخل بالزجر والتأديب لكل مصر على ترك الصلاة .
-فليس بمجتمع مسلم ذلك الذي يدع المنتسبين للإسلام دون أن يركعوا له ركعة , ولا يتعرض لهم بعقاب ولا تأديب , بدعوى أن الناس أحرار فيما يفعلون .
-وليس بمجتمع مسلم ذلك الذي يسوى بين المصلين وغير المصلين ء بله أن يقدم تاركي الصلاة ويضعهم في موضع القادة والموجهين .
-وليس بمجتمع مسلم ذلك الذي تنشأ دواوينه ومؤسساته وشركاته ومدارسه وليس فيها مساجد تقام فيها الصلاة , ويرتفع الأذان .
-وليس بمجتمع مسلم ذلك الذي يقوم نظام العمل فيه على أن لا وقت للصلاة , ومن خالف ذلك من الموظفين والعاملين عوقب بما يناسب المقام , ولفت نظره إلى هذا الخطأ الجسيم.
وليس بمجتمع مسلم ذلك الذي تقام فيه الندوات والأحفال والاجتماعات والمحاضرات ويدخل وقت الصلاة وينتهي , ولا أذان يسمع ولا صلاة تقام .
قبل ذلك كله : ليس بمجتمع مسلم ذلك الذي لا يأخذ أبناءه وبناته بتعليم الصلاة , في المدارس والبيوت , منذ نعومة الأظفار , فيؤمرون بها لسبع , ويضربون عليها لعشر .
-وليس بمجتمع مسلم ذلك الذي لا تحتل الصلاة من برامجه التعليمية والثقافية والإعلامية مكانًا يليق بأهميتها في دين الله، وفى حياة المسلمين ، والله الموفق والهادي إلى خير السبيل .