من رحمة الله بعباده المؤمنين أنه لا يحاسبهم على حديث النفس ووسوستها ما دام هذا لم يتحول إلى فعل لأنه سبحانه لايكلف نفسا إلا وسعها.
يقول الشيخ إبراهيم جلهوم من علماء الأزهر وشيخ المسجد الزيبني بالقاهرة: قال ابن جرير رحمه الله تعالى: حدثني يونس، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن سعيد بن مرجانة، سمعه يحدث أنه بينما هو جالس مع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما تلا هذه الآية (لله ما في السموات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير) الآية 284 من سورة البقرة فقال: والله لإن آخذنا الله بهذا لنهلكن، ثم بكي ابن عمر حتى سمع نشيجه، قال ابن مرجانة فقمت حتى أتيت ابن عباس رضي الله عنهما فذكرت له ما قال ابن عمر وما فعله حين تلاها، فقال ابن عباس يغفر الله لأبي عبد الرحمن، لعمري لقد وجد المسلمون منها حين أنزلت مثلما وجد عبد الله بن عمر فأنزل الله بعدها (لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به وأعف عنا وأغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين) (الآية 286 من سورة البقرة).
هل الإنسان يؤاخذ بحديث النفس:
قال ابن عباس، فكانت هذه الوسوسة ما لا طاقة للمسلمين بها، وصار الأمر إلى أن قضى الله عز وجل، أن للنفس ما كسبت وعليها ما اكتسبت في القول والفعل “.
-وقد ثبت بما رواه الجماعة في كتبهم الستة، من طريق قتادة عن زرارة ابن أوفى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال (قال رسول الله ﷺ ” إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت بها أنفسها ما لم تكلم أو تعمل). فبان من ذلك أن المولى عز وجل تكرم وتفضل فتجاوز عن حديث النفس ووسوستها وخطراتها، وأخذ بالأقوال والأعمال.
-عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ قال الله: إذا هم عبدي بسيئة فلا تكتبوها عليه، فإن عملها فاكتبوها سيئة، وإذا هم بحسنة فلم يعملها فاكتبوها حسنة، فإن عملها فاكتبوها عشرًا. رواه البخاري ومسلم،
-وعن ابن عباس رضي الله عنهما، إذا جمع الله الخلائق يوم القيامة، يقول إني أخبركم بما أخفيتم في أنفسكم مما لم يطلع عليه ملائكتي، فأما المؤمنون فيخبرهم ويغفر لهم ما حدثوا به أنفسهم وأما أهل الشك والريب فيخبرهم بما أخفوا من التكذيب وهو قوله (ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم) (الآية 225 من سورة البقرة) أي من الشك والنفاق.