يقول أ.د محمود عكام – أستاذ الشريعة بالجامعات السورية:ـ

جاء في الحديث – أنَّهُ اسْتَأْذَنَ علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَجُلٌ فَقالَ: ائْذَنُوا له، فَبِئْسَ ابنُ العَشِيرَةِ – أوْ بئْسَ أخُو العَشِيرَةِ – فَلَمَّا دَخَلَ ألَانَ له الكَلَامَ، فَقُلتُ له: يا رَسولَ اللَّهِ، قُلْتَ ما قُلْتَ، ثُمَّ ألَنْتَ له في القَوْلِ؟ فَقالَ: أيْ عَائِشَةُ، إنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ مَن تَرَكَهُ – أوْ ودَعَهُ النَّاسُ – اتِّقَاءَ فُحْشِهِ.هذا الحديث صحيح أخرجه البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود وأحمد وغيرهم بألفاظ متقاربة ، وعبارة ( بئس أخو العشيرة ) من صيغ الذم المعروفة في العربية ، فالذم فيها واضح .

ما المقصود بلين الكلام؟

المقصود من إلانة قوله صلى الله عليه وآله وسلم أنه كلمه بالأدب المعهود منه صلى الله عليه وآله وسلم وتألفه بشيء من الدنيا مع لين الكلام ، وليس المراد أنه مدحه ؛ فخالف بذلك سابق قوله فيه ، فإنه لم يُذكر أنه أثنى عليه أو مدحه .
ويدل على ذلك رواية أخرى للحديث عند البخاري وأبو داود أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعائشة رضي الله عنها التي سألته عن سبب إلانته القول له : ” يا عائشة متى عهدتني فاحشاً ؟ ! يا عائشة إن الله لا يحب الفاحش المتفحش ” .

وأما هذا الرجل فقد ذكر شراح الحديث أن اسمه عيينة بن حصن ، وأنه لم يكن قد أسلم حينئذ وإن كان قد أظهر إسلامه ، فأراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يبين حاله ليعرفه الناس ولا يغتر به من لا يعرف حاله ، ولقد كان من هذا الرجل في حياة النبي وبعده ما يدل على ضعف إيمانه ، وقد ارتد مع المرتدين وجيء به أسيراً إلى أبي بكر رضي الله عنه .

فوصفُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو من أعلام ومعجزات النبوة ، وقد ظهر كما وصف النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وإنما ألان له القول تألفاً له ولأمثاله على الإسلام .

-لا تدخل أمثال هذه الحالات في دائرة الغيبة المحرمة التي هي ( ذكرك أخاك المسلم بما يكره ) ، وقد قال ابن حجر في فتح الباري : ” قال العلماء : تباح الغيبة في كل غرض صحيح شرعاً حيث يتعين طريقاً إلى الوصول إليه .

ما الأحوال التي تجوز فيها الغيبة؟

استثنى العلماء من الغيبة المحرمة أحوالاً ستة هي :
1- التظلّم ( كأن يقول للقاضي ظلمني فلان )
2- الاستفتاء .
3- الاستعانة بذكره لتغيير منكر أمام من له قدرة على ذلك .
4- التحذير للمسلمين من الاغترار ( وهو ما أراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله ) وكجرح الرواة والشهود ، وجواب الاستشارة في نكاح أو عقد من العقود ، وهذا من باب النصيحة لا الغيبة .

5- ذكر من جاهر بالفسق بما يجاهر به ، فليس لفاسق أو فاجر مجاهر غيبة ، ولا يجوز ذكره بما لا يجاهر به .
6- التعريف بالشخص بما فيه من عيب : كالأعور والأعمش والأعرج ، ويكون المراد هو الوصف لا الانتقاص . وجمعها بعضهم بقوله :

الذم ليـس بغيبة في سـتة متـظلم ومعرّف ومحـذر

ولمظهر فسقاً ومستفتٍ ومن طلب الإعانة في إزالة منكر