يقول الأستاذ الدكتور أحمد يوسف سليمان :
المسلم يعلم أنه محاسب عن كل كلمة يتفوَّه بها، قال الله -تعالى-: ” مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (ق: 18)، وصحَّ أن سيدنا معاذ بن جبل -رضي الله عنه- سأل النبي -صلى الله عليه وسلم-: “وإنا لمؤاخذون بما نتفوه به يا نبي الله؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكبُّ الناس على مناخيرهم –أو على وجوههم- في جهنم إلا حصائد ألسنتهم.

ونفى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المؤمن أن يكون فاحشًا أو بذيئًا؛ فقد روى الترمذي بسند حسن عن سيدنا عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء”. فالنبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث النبوي الشريف نفى عن المؤمن أن يكون عيابا في الأنساب؛ يلمز غيره، ويطعن في نسبه، وأن يكون كثير اللعن، وطلب الطرد لغيره من رحمة الله -تعالى-، التي وسعت كل شيء، كما نفى عنه فعل الفواحش، ونفى عنه أن يتفوَّه بالألفاظ القبيحة، كما روى الترمذي كذلك بسند حسن عن سيدنا أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “ما كان الفحش في شيء إلا شانه، وما كان الحياء في شيء إلا زانه”؛ وذلك لأن الحياء يمنع الكريم من التفوُّه بما لا يليق به من البذاءات والكلمات التي تجرح المشاعر، وقديما قال الشاعر العرب:
جراحات السنان لها التئام
ولا يلتام ما جرح اللسان.

إذا لاحظ المسلم على نفسه هذا العيب، فإنه ينبغي أن يبادر فيقوم لسانه، وضبط كلماته، ويستعين على ذلك بالله -عز وجل-؛ فقد روى ابن ماجه وغيره عن حذيفة -رضي الله عنه- قال: “شكوت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذرب لساني (أي فحشه)، فقال: أين أنت من الاستغفار؟ إن لأستغفر الله -عز وجل- كل يوم مائة مرة. فعلاج هذا المرض يكون بكثرة الاستغفار.

قال الله -عز وجل-: “إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ” (فاطر: 10).