يقول الشيخ فرحات السعيد المنجي ـ من علماء الأزهر:
إن المؤمن إذا رأى أحداً فانه يستطيع أن يعلم بواطن الإنسان الذي أمامه بنظرة ثاقبة، وهذا من غير أن يعلمه أحد بهذه البواطن.
والمؤمن الذي تتحقق فيه هذه الفراسة هو الذي يلتزم بالعبادات والطاعات ويجتنب الكبائر، ولا يصرّ على فعل ذنب صغير، وأن يتحرى الكسب الحلال والأكل الحلال، لأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً، وأن يبتعد عن المحرمات التي ليست لها عقوبة دنيوية كاجتناب الغيبة والنميمة والكذب والحقد والحسد وغيرها من هذه المنهيات.
وقد روي أن رجلاً بشره رسول الله ﷺ أنه من أهل الجنة وذلك أنه قال لأصحابه يوماً: “يقبل عليكم رجل من أهل الجنة” فجاء هذا الرجل، وقال الرسول ذلك في اليومين الثاني والثالث، فكان الرجل نفسه هو الذي يقبل عليهم، فأراد ابن عمر رضي الله عنهما أن يعرف ماذا يفعل هذا الرجل حتى يكون من أهل الجنة فاستضافه ثلاثة أيام، فرأى ابن عمر أن الرجل يصلي الأوقات الخمسة ومندوباتها ثم ينام، وهكذا في الأيام الثلاثة، فتعجب ابن عمر، وسأله لماذا كان من أهل الجنة؟ وهو لا يصلي إلا ما رأى منه؟ فقال له الرجل: لم أنم ليلة وفي قلبي حقداً أو حسد لأحد؛ لذا كان من أهل الجنة.
فالالتزام بالطاعات والاستمرار عليها، وترك المنكرات الظاهرة والباطنة هي التي تجعل الإنسان مؤمناً بحق ويرى بنور الله تعالى، وفراسته صحيحة، فإذا توقع شيئاً من إنسان تحقق ما توقعه كذلك يكون مخلصاً لان الإخلاص في العبادة هو السبب في الاستمرار فيها لأنه بعيد عن النفاق والرياء قال الله تعالى لنبيه :” قل أني أمرت أن اعبد الله مخلصاً له ديني ” فالمؤمن الذي يلتزم بفعل الطاعات. ويخلص فيها كما يخلص في عمله الدنيوي، ويتقنه ويبتعد عن الأكل الحرام، ويجتنب المحرمات ظاهرها وباطنها، ويخاف من الله تعالى يكون مؤمناً بحقٍ، ويرى بنور الله عز وجل .