من المعروف أن للمرأة مع محارمها وضعا خاصا ، وهو أنه يجوز لهم أن يروا منها ما يبدو غالبا عند الخدمة في المنزل مثل الرقبة والرجلين ، واليدين ، والشعر ، فلا يجب عليها أن تحتجب منهم ، لكن المقصود بمحارم المرأة هم الذين لا يجوز لهم الزواج بها على وجه التأبيد مثل الأب والولد والأخ.
أما الذين لا يجوز لهم الزواج بها لسبب مؤقت مثل زوج الأخت فإنه لا يكون محرما لأخت زوجته بحيث يخلو بها أو يرى منها ما يراه من أخته ، كل ما بينهما من معاني المحرمية أنه لا يجوز له الزواج بها إلا إذا ماتت أختها أو طلقها ، وعليه فلا يجوز الخلوة بأخت الزوجة لأنها أجنبية عن زوج أختها، كما لا يجوز أن يرى منها أكثر من الوجه والكفين ، وأما الوجه فيجوز رؤيته عند الحاجة إلى ذلك وبغير شهوة، وعند أمن الفتنة، وأما عند الخوف من الفتنة فيمنع الوجه أيضا …… شأنها كشأن سائر الأجنبيات … وهذا على مذهب من يرى أن الوجه غير عورة .
وأما على من مذهب من يرى أن الوجه عورة فإنه لا يجوز لزوج الأخت أن يرى وجه أخت زوجته؛ فإذا كانت أخت الزوجة تلبس النقاب بناء على تقليدها فتوى من أفتاها بوجوب تغطية الوجه فإنه لا يجوز حينئذ أن تكشف وجهها أمام زوج أختها.
قال الله تعالى : ( ولا تنكحوا ما نكـح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشةً ومقتاً وساء سبيلاً ، حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتـكم وخالاتكم وبنـات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفوراً رحيماً . والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم) النساء:22-24
وتنقسم المحرمات من النساء تحريماً مؤبداً بالنظر إلى سبب هذه الحـرمة إلى ثلاثة أصناف :
أولاً: المحرمات تحريماًً مؤبداًً بسبب القرابة : وهن سبع :
1- الأم : مثلها الجدة ، وإن علت من قبل الأب أو الأم .
2- البنت : ومثلها بنت الابن ، أو بنت البنت ، وإن نزلن .
3- الأخت : شقيقة كانت ، أم لأب ، أو لأم .
4- العمة ( أخت الأب ): شقيقة أو لأب أو لأم ومثلها عمة الأب وعمة الأم.
5- الخالة (أخت الأم): شقيقة أو لأب أو لأم ، ومثلها خالة الأب وخالة الأم.
6- بنت الأخ : ومثلها بنت بنته ، أو بنت ابنه وإن نزلن .
7- بنت الأخت: ومثلها بنت بنتها ، أو بنت ابنها وإن نزلن .
ثانياً: المحرمات تحريماً مؤبداً بسبب المصاهرة : وهن أربع :
1- أم الزوجة : وهي تحرم بمجرد العقد على ابنتها ولو لم يدخل بها ، وكذلك جدة الزوجة من جهة أمها أو أبيها ، وإن علت.
2- بنت الزوجة المدخول بها : وتسمى ( الربيـبة ) فإن لم يكن دخل بالأم فلا جناح عليه أن يتزوج بالبنت ، وكذلك بنت بنت الزوجة ، أو بنت ابنها وإن نزلن من المحرمات .
3- زوجة الابن : أو زوجة ابن الابن ، أو زوجة ابن البنت ، وإن تزل .
4- زوجة الأب : ومثلها زوجة الجد ، سواء من جهة الأب أو الأم وإن علا .
ثالثاً: المحرمات تحريماًً مؤبداًً بسبب الرضاع :
ويحرم بسبب الرضاع من النساء ما يحرم من النسب ، وهن سبع :
1-الأم من الرضاعة (وإن علت): وهي المرأة التي أرضعتك ، بشرط أن يكون هذا الرضاع قبل تمام السنتين للرضيع، وألا يقل عدد الرضعات عن خمس رضعات
2ـ البنت من الرضاعة (وإن نزلت) : وهي التي رضعت من زوجتـك فتكون أنت أباها من الرضاع .
3- الأخت من الرضاعة : وهي التي رضعت من أمك ، أو رضَعـت أنت من أمها ، أو رضعت أنت وهي من امرأة واحدة .
4- بنت الأخ من الرضاع وإن نزلت .
5- بنت الأخت من الرضاع وإن نزلت .
6- العمة من الرضاع : وهي التي رضعت مع أبيك .
7- الخالة من الرضاع : وهي التي رضعت مع أمك .
وفي هؤلاء المحرمات من الرضاع يقول رسول الله ﷺ : [ إن الرضاعة تحرِّم ما يَحرم من الولادة ] رواه البخاري ومسلم . و جاء في سورة النساء قوله سبحانه : ( وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة ) . النساء:23
وكذلك يحرم بالمصاهرة من الرضاع :
1- أم الزوجة من الرضاع : وهي التي أرضعت زوجتك .
2- بنت الزوجة من الرضاع : وهي التي رضعت من زوجتك ، لكن من زوج غيرك .
3- زوجة الأب من الرضاع : وهي زوجة الأب الذي رضعت أنت من زوجته الثانية.
4- زوجة الابن من الرضاع : وهي زوجة من رضع من زوجتك .
القسم الثاني : المحرمات من النساء تحريماً مؤقتاً :
وهن النساء اللائي حرُمن على الإنسان لسبب من الأسباب ، فإذا زال هذا السبب زالت الحرمة وعاد الحِلُّ ، فإذا عقد على واحدة منهن قبل زوال سبب الحرمة كان العقد باطلا ً. وهن أخت الزوجة وعمتها وخالتها ، وزوجة الغير ومعتدته ، والكافرات ، والخامسة للمتزوج أربعاً ، والأمة .
وينبغي أن يُعـلم أن هؤلاء النسوة لا يكون الرجـل محرماً لها في سفر ، ولا يحل له الخلوة بها ؛ لأنه من هذه الجهة أجنبي عنها .
ويقول الدكتور يوسف القرضاوي :-
ومما حرمه الإسلام على المسلم – وكان مشروعا في الجاهلية – الجمع بين الأختين فإن رابطة الحب الأخوي الذي يحرص الإسلام على دوامه بينهما ينافيها أن تكون إحداهما ضرة للأخرى.
وقد صرح القرآن بتحريم الجمع بين الأختين وأضاف الرسول – ﷺ – إلى ذلك قوله: ” لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها ” كما في ” الصحيحين ” وغيرهما . وقال: ” إنكم إن فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم ” (رواه ابن حبان) والإسلام يؤكد صلة الأرحام فكيف يشرع ما يؤدي لتقطيعها ؟ !