القضاء بسبب الحالة الصحية، يتوقف على حسب طبيعة المرض، فإن كان مرضا مؤقتا بحسب قول الأطباء ويرجى زواله فالمطلوب حينئذ أن يؤخر القضاء حتى يعافيه الله وإن وافاه الأجل قبلها فلا وزر عليه.
وإذا كان هذا المرض بحسب كلام الأطباء مرضا مزمنا فالمشروع في حقه أن يطعم عن كل يوم من هذه الأيام مسكينا وجبة مشبعة من أوسط طعامه.
وهذا كله إذا كان المرض لا يسمح للمريض بالصيام بأن كان الصيام يزيد المرض أو يؤخر الشفاء أو كان المرض يستلزم الإفطار بحسب كلام الأطباء أو حسب عادته.
متى يجوز للمريض الفطر
يقول الشيخ ابن باز-رحمه الله تعالى-إذا كان المرض لا يرجى برؤه بتقدير الأطباء العارفين فيجوز الفطر، ويجزي عن كل يوم إطعام مسكين نصف صاع، من التمر أو الأرز أو الحنطة أو غيرها من قوت البلد؛ وذلك مقدار كيلو ونص تقريبًا، ولا تجزئ النقود، بل الواجب إخراج الطعام قبل الصيام أو بعد الصيام، ويكفي أن يدفع ذلك إلى مسكين واحد أو أكثر سواء كان ذلك قبل الصيام أو بعد الصيام.
أما إذا كان المرض يرجى برؤه: فإن الواجب القضاء، ولا حرج في تأخير القضاء حتى يتم الشفاء، كما قال الله سبحانه: ( وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) [البقرة:185]، فالله سبحانه أوجب العدة يعني: صيام عدة من أيام أخر، ولم يأمر بالإطعام، وإنما أوجب العدة يعني: عدد الأيام التي أفطرها المريض والمسافر.
ما حكم من أفطر رمضان لمرض لا يرجى منه شفاء
إن كان المرض مزمناً لا يُرجى حصول الشفاء منه ، فيجب إطعام مسكيناً عن كل يوم أفطره من رمضان . لقول الله تعالى : ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) البقرة/184 .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ لا يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا. رواه البخاري.
والمريض الذي لا يرجى شفاؤه حكمه حكم الشيخ الكبير .
قال ابن قدامة في “المغني”: وَالْمَرِيضُ الَّذِي لا يُرْجَى بُرْؤُهُ , يُفْطِرُ , وَيُطْعِمُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا ; لأَنَّهُ فِي مَعْنَى الشَّيْخِ.
قال الشيخ ابن عثيمين-رحمه الله تعالى-:
العاجز عن الصيام عجزاً مستمراً لا يرجى زواله – كالكبير والمريض مرضاً لا يرجى برؤه كصاحب السرطان ونحوه – فلا يجب عليه الصيام لأنه لا يستطيعه وقد قال الله تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/16 . وقال : ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا ) البقرة/286 .
لكن يجب عليه أن يطعم بدل الصيام عن كل يوم مسكيناً.