اختلف العلماء في جواز قضاء دين الميت من الزكاة، فمنهم من قال بعدم جواز دفعها لقضاء دين الميت، وقال: إن الغارم هو الميت ولا يمكن الدفع إليه، وإن دفعت الزكاة إلى الغريم بعد موت الغارم صار الدفع إلى الغريم لا إلى الغارم، وبهذا تكون الزكاة قد دفعت إلى غير مستحقيها.
والقول الثاني من أقوال العلماء هو أنه يجوز دفع الزكاة لقضاء دين الميت لعموم الآية، وهي تشمل كل غارم حياً كان أو ميتاً، بل قال بعضهم دين الميت أحق من دين الحي في أخذه من الزكاة لأنه لا يرجى قضاؤه بخلاف الحي.
وهذا القول الأخير هو الراجح.
حكم قضاء دين الميت من بيت مال المسلمين:
من مات من أفراد المسلمين -وعليه دين لم يترك له وفاء- يشرع قضاؤه عنه من بيت مال المسلمين، لما روى البخاري ومسلم وغيرهما أن رسول الله ﷺ قال: ” ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة، اقروا إن شئتم : ( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم). فأيما مؤمن ترك مالاً فليرثه عصبته من كانوا، فإن ترك ديناً أو ضياعاً فليأتني وأنا مولاه” هذا هو الأصل.
حكم قضاء دين الميت من الزكاة:
إذا لم يتيسر قضاء دين الميت من بيت المال جاز أن يقضى الدين من الزكاة إذا لم يكن الدافع هو صاحب الدين.
ومما يدل لصحة القول الأخير أيضاً أن الله تعالى جعل مصارف الزكاة نوعين:
-نوع عبر عن استحقاقه باللام التي تفيد التمليك، وهم: الفقراء والمساكين والعاملون عليها والمؤلفة قلوبهم، وهؤلاء هم الذين يملكون.
-ونوع عبر عن استحقاقه بفي، وهم بقية الأصناف ومنهم الغارمون. قال تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [التوبة:60] فكأنه تعالى قال: الصدقات في الغارمين، ولم يقل للغارمين فالغارم على هذا لا يشترط تمليكه، وعليه فيجوز الوفاء عنه.
وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية برد الله ثراه.