-ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لو وجد الزوج زوجته تزني على فراش الزوجية فلا يجوز للزوج قتلهما ولكن للزوج أن يطلقها أو يرفع أمره للحاكم ليفرق بينهما باللعان.

-وذهب بعض الفقهاء إلى أنه يجوز للزوج قتل الزاني والزوجة الزانية إذا رآهما الزوج على فراشه، وشهد له أربعة شهود عدول.

-ولكن الراجح هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، والقول بغير ذلك يفتح باب شر لا يمكن إغلاقه وبخاصة مع فساد الذمم وضعف الدين في النفوس، فما أهون أن يقتل الزوج زوجته لسبب أو لآخر ثم يدعي أنه رآها تزني على فراشه، فيجمع على الزوجة ظلم القتل، والفضيحة التي تلحق أهلها بعد موتها..

هل يجوز قتل الزوج زوجته إذا وجدها تزني هي وشخص أخر

يقول فضيلة الشيخ محمد خلف يوسف –من علماء مصر-:
هذا موطن يشيب فيه الوليد لما يرى، ويفقد الإنسان فيه صواب رأيه ، وسداد تصرفه ، أو يكاد، وربما لا يدري ما يفعل.
وخلاصة المسألة :
أن من العلماء من يبيح القتل إذا رآها مع الزوج أربعة من الشهود العدول ولا قصاص عليه عندئذ..
ومنهم من يوجب عليه القصاص ، لأن الله شرع اللعان لذلك وهذا رأى الجمهور
ورحم الله سعد بن عبادة ورضى عنه إذ قال يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ وَجَدْتُ مَعَ أَهْلِي رَجُلًا لَمْ أَمَسَّهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “نَعَمْ قَالَ كَلَّا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنْ كُنْتُ لَأُعَاجِلُهُ بِالسَّيْفِ قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْمَعُوا إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ إِنَّهُ لَغَيُورٌ وَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي” رواه مسلم في اللعان وأبو داود في الديات وابن ماجة في الحدود.

وفي لفظ أبي داود: عن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ يَجِدُ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “لَا” قَالَ سَعْدٌ بَلَى وَالَّذِي أَكْرَمَكَ بِالْحَقِّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “اسْمَعُوا إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ”.

قال في عون المعبود:
( قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا ) : أَيْ لَا يُقْتَل ( قَالَ سَعْد بَلَى وَاَلَّذِي أَكْرَمَك بِالْحَقِّ ) : الْوَاو لِلْقَسَمِ , وَلَيْسَ هُوَ رَدًّا لِقَوْلِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُخَالَفَة لِأَمْرِهِ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ الْإِخْبَار عَنْ حَالَة الْإِنْسَان عِنْد رُؤْيَته الرَّجُل عِنْد اِمْرَأَته وَاسْتِيلَاء الْغَضَب عَلَيْهِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يُعَالِجهُ بِالسَّيْفِ . زَادَ مُسْلِم فِي رِوَايَة بَعْد هَذَا ” إِنَّهُ لَغَيُور وَأَنَا أَغْيَر مِنْهُ وَاَللَّه أَغْيَر مِنِّي ” . قَالَ الْقَارِي : وَفِيهِ اِعْتِذَار مِنْهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَعْدٍ وَأَنَّ مَا قَالَهُ سَعْد قَالَهُ لِغَيْرَتِهِ 0
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَأَيْتَ لَوْ وَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا أُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ قَالَ نَعَمْ.” مسلم في اللعان وأبو داود في الديات وابن ماجة في الحدود.

قال في عون المعبود قَالَ النَّوَوِيّ: اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِيمَنْ قَتَلَ رَجُلًا وَزَعَمَ أَنَّهُ وَجَدَهُ قَدْ زَنَى بِامْرَأَتِهِ, فَقَالَ جُمْهُورهمْ لَا يُقْبَل قَوْله بَلْ يَلْزَمهُ الْقِصَاص إِلَّا أَنْ تَقُوم بِذَلِكَ بَيِّنَة أَوْ يَعْتَرِف بِهِ وَرَثَة الْقَتِيل , وَالْبَيِّنَة أَرْبَعَة مِنْ عُدُول الرِّجَال يَشْهَدُونَ عَلَى نَفْس الزِّنَا وَيَكُون الْقَتِيل مُحْصَنًا وَأَمَّا فِيمَا بَيْنه وَبَيْن اللَّه تَعَالَى , فَإِنْ كَانَ صَادِقًا فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَقَالَ بَعْض أَصْحَابنَا : يَجِب عَلَى كُلّ مَنْ قَتَلَ زَانِيًا مُحْصَنًا الْقِصَاص , مَا لَمْ يَأْمُر السُّلْطَان بِقَتْلِهِ وَالصَّوَاب الْأَوَّل. وَجَاءَ عَنْ بَعْض السَّلَف تَصْدِيقه فِي أَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَتِهِ وَقَتَلَهُ بِذَلِكَ اِنْتَهَى ..

-وقد شرع الله تعالى اللعان فى مثل هذه الحالة إذ قال ربنا : ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ).
فظاهر الآية الكريمة وحديث أبى هريرة بلفظ أبى داود ( لا ) أي لا تقتله ، ويشهد لهذا أيضا إقرار النبي قول الصحابي (قَتَلَ قَتَلْتُمُوهُ)، فيما جاء عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ إِنَّا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَتَكَلَّمَ جَلَدْتُمُوهُ أَوْ قَتَلَ قَتَلْتُمُوهُ وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى غَيْظٍ وَاللَّهِ لَأَسْأَلَنَّ عَنْهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْغَدِ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَتَكَلَّمَ جَلَدْتُمُوهُ أَوْ قَتَلَ قَتَلْتُمُوهُ أَوْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى غَيْظٍ فَقَالَ اللَّهُمَّ افْتَحْ وَجَعَلَ يَدْعُو فَنَزَلَتْ آيَةُ اللِّعَانِ “َالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ” فَابْتُلِيَ بِهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْنِالنَّاسِ فَجَاءَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَلَاعَنَا فَشَهِدَ الرَّجُلُ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ ثُمَّ لَعَنَ الْخَامِسَةَ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ فَذَهَبَتْ لِتَلْعَنَ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَهْ فَأَبَتْ فَلَعَنَتْ فَلَمَّا أَدْبَرَا قَالَ لَعَلَّهَا أَنْ تَجِيءَ بِهِ أَسْوَدَ جَعْدًا فَجَاءَتْ بِهِ أَسْوَدَ جَعْدًا” مسلم في اللعان وأبو داود وابن ماجة في الطلاق.

-ويشهد لذلك أيضا ما جاء عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ سُئِلْتُ عَنْ الْمُتَلَاعِنَيْنِ فِي إِمْرَةِ مُصْعَبٍ أَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا قَالَ فَمَا دَرَيْتُ مَا أَقُولُ فَمَضَيْتُ إِلَى مَنْزِلِ ابْنِ عُمَرَ بِمَكَّةَ فَقُلْتُ لِلْغُلَامِ اسْتَأْذِنْ لِي قَالَ إِنَّهُ قَائِلٌ فَسَمِعَ صَوْتِي قَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ ادْخُلْ فَوَاللَّهِ مَا جَاءَ بِكَ هَذِهِ السَّاعَةَ إِلَّا حَاجَةٌ فَدَخَلْتُ فَإِذَا هُوَ مُفْتَرِشٌ بَرْذَعَةً مُتَوَسِّدٌ وِسَادَةً حَشْوُهَا لِيفٌ قُلْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُتَلَاعِنَانِ أَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ نَعَمْ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ أَنْ لَوْ وَجَدَ أَحَدُنَا امْرَأَتَهُ عَلَى فَاحِشَةٍ كَيْفَ يَصْنَعُ إِنْ تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ قَالَ فَسَكَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُجِبْهُ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَتَاهُ فَقَالَ إِنَّ الَّذِي سَأَلْتُكَ عَنْهُ قَدْ ابْتُلِيتُ بِهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ فِي سُورَةِ النُّورِ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ فَتَلَاهُنَّ عَلَيْهِ وَوَعَظَهُ وَذَكَّرَهُ وَأَخْبَرَهُ أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ قَالَ لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا كَذَبْتُ عَلَيْهَا ثُمَّ دَعَاهَا فَوَعَظَهَا وَذَكَّرَهَا وَأَخْبَرَهَا أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ قَالَتْ لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنَّهُ لَكَاذِبٌ فَبَدَأَ بِالرَّجُلِ فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ ثُمَّ ثَنَّى بِالْمَرْأَةِ فَشَهِدَتْ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا” البخاري في التفسير ومسلم في اللعان.

الأفضل لزوج وجد زوجته تزني مع آخر

يقول فضيلة الشيخ محمد خلف يوسف:

الذي أراه راجحا هو رفع الأمر إلى الحاكم للتلاعن والتفريق أو يطلقها إن لم يكن التلاعن قائما ، لأنه لو ترك القتل لكل أحد لكانت فتنة ، واختلط الحابل بالنابل ، بل ربما يقتل رجل زوجته بلا جريرة ـ ومع فساد الذمم ـ يدعي عليها الفاحشة ، فتكون قد ظلمت مرتين غير تشريد الأولاد وسوء العلاقة وقطع الرحم بين أسرتي الزوجين.