التبرج هو إظهار الزينة التي يجب سترها لغير المحارم، كما أن التبرج يطلق أيضا على مشية المرأة بتكسر بين الرجال، وكل إظهار لما يجب إخفاؤه من العورة أو الزينة فهو من التبرج المحرم .
غير أن التبرج الذي ذكره الحديث الشريف وفيه الوعيد بعذاب الله هو ما ذكره الإمام ابن العربي المالكي من أن تلبس المرأة ثوبا رقيقا يصفها، وقال : وإنما جعلهن كاسيات؛ لأن الثياب عليهن ، وإنما وصفهن بعاريات لأن الثوب إذا رق يكشفهن ; وذلك حرام .
لم يقل أحد من فقهاء المسلمين أن التبرج من صغائر الذنوب ، بل إن علاج قضية التعري من أولى القضايا التي عالجها القرآن في حديثه عن قصة آدم –عليه السلام -،قال تعالى :”إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى،وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى”، وأوضح القرآن أن هدف الشيطان كان أن يعري آدم وحواء ، إشارة من القرآن إلى خطورة التعري ، فقال تعالى:”فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ماووري عنهما من سوآتهما “، وذلك لأن العري والتبرج من أسس هدم المجتمع ، وانحطاط أخلاقه، وما نجح الاستعمار وأعداء الإسلام في تدمير الشباب المسلم ، وإبعاده عن الإسلام إلا من خلال أسلحة كان أهمها نشر العري بين أوساط المجتمع المسلم ، حتى أضحى المرء يسير في الشوارع في بلاد إسلامية، وكأنها بلاد الغرب!
مع إدراك أن كثيرا من الفتيات المسلمات لا يضعن في أذهانهن التبرج لأجل الإغواء، وإنما هو عندهن عادة حسب الوسط الذي نشأوا فيه، أو نوع من التقليد والسعي للخروج عن تقاليد مجتمع يجدن فيه بعض المشكلات، أو محاولة الظهور بمستوى أعلى مما هن عليه ، غير أن النية شيء، و التبرج وما يترتب عليه شيء آخر.
ولقد جاء الوعيد لمن تبرجت ، وخلعت عنها خلق الحياء، وعيدًا شديدًا ، صيانة للمرأة أولاً ثم صيانة للمجتمع بأسره من الرذيلة، فجعل النبي ﷺ عقاب المتبرجة إن استمرت على تبرجها، ولم تتب منه وخيما، فكان أجدر بالمرأة المسلمة أن تلتزم أمر الله تعالى ، وأمر رسوله ﷺ، واستجابة لفطرتها النقية،لا خروجًا عن فطرة الله التي فطر الناس عليها.
يقول الدكتور يوسف القرضاوي :
وإني لأتعجب من قول أحد الكتاب في إحدى المجلات: إن خروج المرأة بالثياب العصرية التي تكشف معها السيقان والأذرع والصدور والشعور وما هو أكثر منها، والتي تشف وتصف وتحدد مفاتن الجسم، إنما هي من صغائر الذنوب، التي يكفرها مجرد اجتناب الكبائر !!!
وغفل هذا الكاتب عن الحديث الصحيح، الذي رواه مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله ﷺ: “صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر، يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رؤسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا .
والحديث يصور في شقه الثاني ـ نساء عصرنا بثيابهن ورؤوسهن، كأنه يراهن رأى العين .
وقد جعلهن من أهل النار، ولو كان لبسهن للثياب التي تجعلهن كاسيات عاريات، من صغائر المحرمات، ما جعلهن من أهل النار، ولا حرم عليهن دخول الجنة ووجدان ريحها، فهذا من موجبات الكبائر من غير شك.