هناك فرق بين عقد الزواج و توثيق هذا العقد ، فتوثيق عُقود الزواج من الرجل والمرأة جائزٌ شرعًا؛ لأنه لا يُشترط فيه الذكورة فللمرأة مباشرةُ كلِّ العقود بنَفسها ولغيرها إن كانت بالغةً عاقلةً رشيدةً . أما عقد النكاح فلا يصح منها عند جمهور الفقهاء.

يقول الأستاذ الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر السابق :
اشترط الفقهاء في الزواج أن يَتوافرَ الركنُ الحقيقيُّ له ، وهو رضا الطرَفَينِ الزوج والزوجة ، وتَوافُق إرادتَيهما في الارتباط ، ويُعبر عن ذلك بالإيجاب والقبول، وأن يَكونَا بلفظَينِ وُضِعَا للماضي ، أو وُضِعَ أحدهما للماضي والآخر للمُستقبل.
ومتى استوفَى العقد شُروطه صحَّ الزواج ، وترتَّب عليه كلُّ آثاره.

المأذون في الشريعة الإسلامية:

ولا يُوجد في الشريعة الإسلامية شيءٌ اسمه المأذون الشرعيُّ، ولا أن وُجودَه شرط للزواج ، ولا يتمُّ بدونه، إنما هي أمور تَنظيميَّة مُستحدَثة اقتضَتْها ظروف العصر ومُقتضيات الأحوال.
فعندما خَرِبَت الذمَم ، وفسَدت الأخلاق ، وضلَّ الناس وأصبح إنكار الزواج وكذا إنكار التبنِّي أمرًا واردًا، كان لولِيِّ الأمر مُبرِّر للتدخُّل وإنشاء القوانين واللوائح الخاصة ، وما يَتراءَى له ومصلحةَ الجماعة، فأنشأ ما يُسمَّى بالمأذون، وعملُه تَوثيق العُقود وتَدْوِينُها؛ كيْ يُصبح إنكارُها أمرًا مُستحيلًا، ويَحميَ كيان الأسرة التي هي اللَّبِنةُ الأولَى في بناء المجتمع، وأصبح الحاكم مسؤولًا عن استقرارها ودَرْءِ كل ما يَعِنُّ لها مِن فساد.

هل يجوز للمرأة إبرام عقد زواج:

والتوثيق من الرجل أو المرأة جائزانِ شرعًا، والمرأة فيه كالرجل؛ لأن توثيق العقد لا يُشترط فيه الذكورة، وللمرأة مباشرةُ كلِّ العقود بنفسها لنَفسها ولغَيرها إن كانت بالغةً رشيدةً، ما عدا عقد النكاح عند جمهور الفقهاء.

وعليه، فيَجوز لها تَوثيقُه فقط لا عقْدُه، مشروطًا بالضوابط الشرعية المُحقِّقة للمصلحة بما لا ضررَ فيه ولا ضِرارَ.

ولوليِّ الأمر الشرعيِّ وَضْعُ الضوابطِ والقوانينِ المُنظِّمة لهذا التوثيق بين الناس بما يُوافق أعراف الناس وعاداتهم الحسَنة، وبما لا يَتعارض مع نصٍّ صريح وقطعيٍّ من كتاب أو سُنَّةٍ.