الروايات كثيرة في تعيين هذه العجائب، وهي روائع فنية معمارية اعتبرها القدماء بمثابة عجائب، وهي حسب أكثر الروايات شيوعًا سبع:
1- أهرام الجيزة المصرية، أو الهرم الأكبر وحده الذي بناه “خوفو” فيما بين سنتي 3733،3700 قبل الميلاد على أرجح الأقوال. مساحة القاعدة 13 فدانًا، وارتفاعه 146 مترًا، له مدخل في الجانب الشمالي يفضي إلى ممر ضيق منحدر، يمرُّ خلال حُجُرات تنتهي إلى حجرة الدفن، استغرق بناؤه حوالي عشرين عامًا، بحجارة يَزِن الواحد منها في المتوسط طِنَّيْن ونصف الطن، نقلت من الضفة الشرقية لنهر النيل إلى الغرب بجهد خارق للعادة، وهي ما تزال مَزَارًا للعالم إلى يومنا هذا.
2- حدائق بابل المُعلَّقة، وهي حدائق مقامة على أسوار مدينة بابل على نهر الفُرات في أيام حكم الملك “نبوخذ نصر”، وينطق: ” بخْتنصر” الذي امتد لمدة أربع وأربعين سنة من توليه الحكم سنة 604 قبل الميلاد، كانت المدينة محل إعجاب الزوار من جميع أرجاء العالم، وتحدَّث عنها المؤرِّخُون القدماء في القرن الخامس قبل الميلاد، والحدائق شُرُفات متدرِّجة بعضها فوق بعض تَميل إلى الدَّاخل، وتَصِلُ بينها درجات من الرُّخَام، وكانت تُرْوى بنافورات تستمد الماء من خَزَّان كَبير في أعلى طبقة يَملأ من النهْر برافعة حلزونية، وكانت تتصل بكل طبقةٍ قاعات فسيحة للحفلات وأحواض للسباحة تُملأ بماء مُلوَّن، مع نافُورات ومساقط يَخْتلط خَرِيرُها بتَغْريد الطُّيور، وبعض المؤرخين يَنْسِب هذه الحدائق إلى المَلِكَة ” سميرا ميس”.
3- تمثال الإله “زِيُوس” الأوليمبي، نحَته الفنان الإغريقي “فيدياس” وطعَّمه بالياقوت والزَّبَرْجَد، وجَعَل لَهُ ثيابًا من الذَّهب، وأقامه في مَعْبَد “زِيوس” في الغَيْضَة المُقدسة بأوليمبيا، وكاد يَصل – عندما اكتمل في سنة 457 قبل الميلاد – إلى سقْف القاعة الذي كان ارتفاعه نحو عشرين مترًا، وكانت هذه البقعة هي مركز الألعاب الأولمبية التي كانت تعقد كل خمس سنوات، وقدْ نقَلَه الإمبراطور “تِيُودُور” الأوَّل إلى القُسطنطينيَّة فيما بعْد، حيث قضَى عليه حريق شبَّ في سنة 475 ميلادية.
4- تِمْثال الشمس في “رودس” كانت جزيرة رودس في عهد الإغريق مركزًا للفنون والصناعات، وكان أهلها يعبدون إله الشمس “وهيليوس” فكرَّموه بتمثال صنَعه أحد كبار النحَّاتين “تشاريس” في القرْن الثالث قبل الميلاد، بحيث يُشرف على مِرْفأ ” رودس” استغرق نحتُه اثني عشر عامًا وكان من البرونز يزداد بريقُه عندما تقع عليه أشعة الشمس، وارتفاعه يبلغ ثلاثة وثلاثين مترًا، ويُمسك بيمينه شُعلة. لم يَدُم أكثر من سِتِّين سنة أسقَطه زلزال سنة 224 قبل الميلاد.
5- معبد “ديانا” ويُسمَّى مَعْبد “أرتميس” ابنة الإله “زيوس” التي يُعدُّها الإغْريق ربَّةَ الطبيعة، ويُقِيمون لها سنويًّا حَفَلات كبيرة ويُسمِّيها الرومان “ديانا” أقاموا لها معْبدًا في “أفسوس” كبرى اثنتي عشرة مدينة يونانية في آسيا الصغرى. بناه المهندس المعماري الإغريقي “تشرسيفورن” في القرن السادس قبل الميلاد، ثم أحرقه “هيروستراتوس”سنة 356 قبل الميلاد، فأعاد الإغريق بناءه، فهدمه “القوط” ثانية عندما اجتاحوا المدينة سنة 262 قبل الميلاد، وقيل: إن الذي بناه هو المهندس المِعْماري للإسكندر الأكْبر المقْدونى “ديتوكراتيس” وكان المعْبد مُقامًا على بُعْد مَيْل من مدينة “أفسوس” عرضه حوالي خمسين مترًا، ويزيد طوله على مائة مِتْر، وبه مائة عمود، ارتفاع الواحد منها سِتُّون مترًا، وسُمْكه متران، وسقفه مكسوٌّ بالرُّخام وأبوابه مطعَّمة بالعاج والذَّهَب.
6- ضريح: “هاليكارناسوس” بآسيا الصغرى، فقد كان يحكم بلاد “كاريا” قبل ميلاد المسيح بحوالي ثلاثمائة سنة ملك يُدعى “ماوسولوس”، ولمَّا مات حوالي سنة 353 قبل الميلاد أصرَّت زوجتُه “أرتميسيا” على عمل ضريح له في مدينة “هاليكارناسوس” عاصمة مُلْكه، وضع تصميمه المهندس “بيثيوس” وماتت الزوجة قبل أن يَتمَّ الضريح فاستمرَّ العمل حتى كَمُل وكان ارتفاعه نحو ثلاثة وأربعين مترًا، ومحيطه الخارجي نحو122 مترًا، صُنعت قاعدته من الحجر الأخضر المُعرَّق بالرخام، وأقيم فوق قمَّته تِمْثال لعربة قتال، وظلَّ المَعبد قائمًا حتى هدمه زلزال قُبَيل القرن الخامس عشر الميلادي.
7- منار الإسكندرية، المشهور بمنار “فاروس” نسبة إلى جزيرة صغيرة أوصلَها الإسكندر بالشاطئ عندما أمر المهندس “ديتوكراتس” بإنشاء المدينة والمِرْفأ لهداية السفن بعد أن ارتطمت بالصخور في الظلام سفينة كانت تحمل عروسًا لأحد مُساعديه وقد عَهِد إلى هذا المساعد بالذات ويُدعى “سوستراتوس” بِبِنَائه على شكل بُرْج شاهق بلغ ارتفاعه 122 مترًا من عدة طبقات، وفوق القمَّة قفص من حديد، به ثغْرات واسِعة، وكانت النار تُوقَد فيه كلَّ مساء. وفي بعض الروايات أن المنار أنشئ سنة 270 قبل الميلاد في عهد بطليموس فيلا ديلفوس “بطليموس الثاني”، وقد ظل قائمًا حوالي 1500 سنة ثم دمَّره زلزال في القرن الرابع عشر الميلادي.
هذه المعلومات مختصرة من بحث في دائرة معارف الشَّعب “المجلد الأول ص 95-99” وقد انتهَت هذه العجائب ولم يبقَ منها إلا الأهرام، وهي عجائب استرْعَت الانتباه في أزمانها من حيث الهندسة والضخامة والمواد، وقد جدَّت في العالم الآن عجائب وعجائب في مجالات كثيرة لم تَكْتَفِ بالأرْض بل وَصَلت إلى الفَضَاء، والدِّينُ يقول إن هذه العجائب تدل على جبروت العقل الإنساني الذي فسح الله له المجال في الكون كله، والمُهم أن يُستخْدم ذلك في شُكْر المُنعم بها وهو الله، وفي خدمة الإنسان الذي جَعَله الله خليفة في الأرض وأمره أن يُعمِّرها بالخير، مع الإيمان بأن كل شيء له نهاية، وأن غرور الإنسان سيتحطَّم حتْمًا (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ . وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ . وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ) (سورة التكوير: 1-3)
(فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ . خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ . يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ . إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٍ . يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ . فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ)(سورة الطارق:5-10)
(إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) (سورة ق:37). ومن العجائب التي بعد الميلاد: برج بيزا المائل، وسُور الصين العَظيم، وتمثال النبي موسى، وبرج إيفل، وضريح تاج محل، وتِمْثال عروس البحْر في فرجينيا، ومتحف الأرْمِيتاج.