للعلماء في تفسير عرض الجنة رأيان، فقال ابن عباس : تُقرَن السّمواتُ والأرض بعضها إلى بعض، كما تُبسط الثِّياب ويُوصَل بعضها ببعض، فذلك عرض الجنّة، ولا يعلم طولُها إلا الله. وهو قول جمهور العلماء . ونبّه الله بالعَرض على الطول؛ لأنّ الغالب أن الطُّول يكون أكثرَ من العرض .
وقال قوم : المُراد بعرض الجنّة سَعتها، لا ما يقابِل طولها، فلمّا كانت الجَنّة من الاتِّساع والانْفساح في غاية قُصوَى حسُنت العِبارة عنها بعرض السموات والأرض، كما تقول للرجل، هذا بحر. ولم تقصد الآية بذلك تحديد العرض، ولكن أراد التعبير بذلك أنّها أوسع شيءٍ رأيتموه .
أما مكان النّار إذا كان عرض الجنّة هو السّموات والأرض فقد أجاب عنه النبي ﷺ عندما سُئِل عنه، فقال”سبحان الله، فأينَ الليل إذا جاءَ النّهار”؟
رواه أحمد في مسنده .. وكذلك أجاب بمثله سيدنا عمر على اليهود حين سألوا . والمراد أن مكان النّار لا يَعلَمه إلا الله، كما لا يعلّم الليل إذا جاء النّهار إلا هو سبحانَه.
قال ابن كثير: وهذه الإجابة تحتمل مَعنيين، أحدهما أن يكون المعنى في ذلك أنّه لا يلزَم من عدم مشاهَدتِنا الليل إذا جاء النّهار ألاّ يكون في مكان وإن كنّا لا نعلمه، وكذلك النار تكون حيث يشاءُ الله عز وجل. والثاني أن يكون المعنى: أنّ النهار إذا تغشَّى وجه العالم من هذا الجانب فإن الليل يكون من الجانب الآخر، فكذلك الجَنّة في أعلى عِلّيين فوق السّموات تحت العرش، والنار في أسفل سافلين، فلا تَنافِي بين كونها كعرض السموات والأرض وبين وجود النار. والمعنى الأول يُفيد عدم عِلمنا بمكان النار، والثاني يُفيد عِلمنا به.