استشارة الآباء في اختيار الزوجة من الأمور المستحبة وليست من الأمور الواجبة شرعًا؛ ولذا فإن الشاب لا يعتبر عاقًّا لوالديه إذا تزوج بدون علمهما، وعليه أن يتبع الإرشاد النبوي في اختيار الزوجة من حيث الدين والالتزام بالأحكام الشرعية.
وعلى الوالدين أيضًا أن يجعلا أحكام الدين ونصوصه هي المحكّمة في ميولهما ورغباتهما، وفي الحديث: “لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به”، وإذا كان الزواج قد تمَّ لاعتبارات خاصة؛ فإنه يحرم على الزوج أن يطلق زوجته استجابة لرغبة الوالدين؛ لأن استشارة الوالدين مستحبة في هذا المجال، وطلاق الزوجة فيه ظلم وإيذاء لها، ولا يجوز الوقوع في الظلم من أجل تحقيق رغبة مستحبة عند الوالدين قبل الشروع في الزواج.
وما يحتج به البعض من أن ابن عمر – رضي الله عنهما – قد أمره النبي ﷺ بطاعة والده في طلاق زوجته ليس حجة هنا؛ لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جاء الوحي موافقًا لرأيه في أكثر من موطن، وقد قال عنه النبي عليه الصلاة والسلام: “لو كان في أمتي محدثون لكان عمر”، فإن وجد آباء كعمر في بُعد النظر والالتزام بأحكام الشرع وفهم قواعده فإن طاعتهم تكون واجبة كطاعة ابن عمر لأبيه، وإلا فلا.