يكاد يطبق المفتون في هذا العصر على أن الدين الحالي الواجب الدفع في سنة الزكاة هو الذي يخصم من وعاء الزكاة ، وما عداه من بقية الديون لا تخصم من الوعاء ، كالديون المؤجلة التي لم يحن وقت سدادها ، ولكن المتأمل في كلام الفقهاء يجد أن منهم من أجاز خصم كل الديون من الوعاء عاجلها وآجلها.
يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي :-
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الدين يمنع وجوب الزكاة، أو ينقص بقدره، في الأموال الباطنة – النقود وعروض التجارة – وبه قال عطاء، وسليمان بن يسار، والحسن، والنخعي، والليث، ومالك، والثوري، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو حنيفة وأصحابه، ولم يخالف في ذلك إلا ربيعة وحماد بن سليمان والشافعي في الجديد.
والشرط الذي لا خلاف فيه: أن يكون هذا الدين مما يستغرق النصاب أو ينقصه، ولا يجد ما يقضيه به سوى النصاب، وما لا يستغنى عنه، مثل أن يكون له عشرون دينارًا، وعليه دينار أو أكثر أو أقل، مما ينقص به النصاب إذا قضاه به، ولا يجد قضاءً له من غير النصاب، فإن كان له ثلاثون دينارًا وعليه عشرة، فعليه زكاة العشرين، وإن كان عليه أكثر من عشرة فلا زكاة عليه. وإن عليه خمسة، فعليه زكاة خمسة وعشرين.
ولو أن له مائة من الغنم، وعليه ما يقابل الستين فعليه زكاة الأربعين، فإن كان عليه ما يقابل إحدى وستين فلا زكاة عليه، لأنه ينقص النصاب (المغني: 3/43).
الدين الحال والدين المؤجل في الزكاة:
الراجح أنه لا فرق بين الدين الحال والمؤجل، لعموم الأدلة، وإن قال بعض العلماء: إن المؤجل لا يمنع وجوب الزكاة، لأنه غير مطالب به في الحال (المرجع السابق).
ومن الدين المؤجل: صداق الزوجة المؤجل إلى الطلاق أو الموت. وقد اختلفوا، هل يمنع وجوب الزكاة أم لا؟
قال بعضهم: المهر المؤجل لا يمنع، لأنه غير مطالب به عادة، بخلاف المعجَّل.
وقال غيرهم: يمنع، لأنه دين كغيره من الديون.
وقال آخرون: إن كان الزوج على عزم الأداء منع، وإلا فلا، لأنه لا يُعد دَيْنًا (البحر الرائق: 2/216).
ونفقة الزوجة إذا صارت دينًا على الزوج إما بالصلح أو بالقضاء، ومثلها نفقة الأقارب تمنع وجوب الزكاة (المرجع السابق).
وهل يستوي في ذلك ديون الله وديون العباد؟.
قال النووي من الشافعية: إذا قلنا: الدين يمنع الزكاة، فإنه يستوي دين الله تعالى ودين الآدمي (المجموع: 5/345).
هل الدين يمنع من الزكاة:
قال الحنفية: إن الدين المانع للزكاة، ما كان له مطالب من جهة العباد، ومنه الزكاة، لأنه هو الذي تتوجه فيه المطالبة، ويتسلط فيه المستحق على المدين، ويمكن للحاكم أن يأخذ ماله منه، لحق الغرماء.فملكه فيه ضعيف غير مستقر، بخلاف دين الله من نذور وكفَّارة ونحوها. وإذا كان عليه زكوات لسنوات خَلَتْ، فإنها تُعد من الدين الذي له مطالب من جهة العباد. وهو الإمام النائب عن المستحقين (انظر المغني: 3/45، وانظر: الهداية وشروحها: 1/486، 487).
وهذا هو الذي نختاره إذا كانت الحكومة المسلمة هي التي تقوم بأمر الزكاة، حتى لا يدَّعي من يشاء من أرباب المال أن عليه نذورًا، أو كفارات أو نحو ذلك مما لا يُستطاع تحقيقه وإثباته أو نفيه.
فإذا كان الفرد المسلم هو الذي يخرج زكاته بنفسه، فله أن يحتسب هذه الديون من ماله، ويقضيها قبل أداء الزكاة، عملاً بعموم الحديث: “فدَيْن الله أحق أن يُقضَى” (البخاري وغيره).انتهى.
كيف تعرف الغني أو الفقير:
وأما كيفية معرفة الغني من الفقير فقد ناقش المشاركون في الندوة التي عقدها بيت الزكاة الكويتي البحوث المقدمة في موضوع مصرف الفقراء والمساكين وانتهوا إلى ما يلي :
الفقير هو الذي لا مال له ولا كسب يقع موقعاً من كفايته ، والمسكين هو الذي يملك ما يقع موقعاً من كفايته ولا يكفيه لمدة سنة .
من الذي يعطى من سهم الفقراء والمساكين:
يعطى من سهم الفقراء والمساكين ما يلي : من كان بحاجة إلى الزواج وهو عاجز عن تكاليفه المعتادة لمثله
طالب العلم العاجز عن الجمع بين طلب العلم والتكسب .
العاجزون عن التكسب .
من لم يجد عملاً يليق بمكانته ومروءته .
العاملون في وظائف عامة أو خاصة ممن لا تكفي دخولهم من مرتبات أو غيرها لسد حاجاتهم.
آل البيت الذي لا يعطون كفايتهم من بيت المال .
الزوج الذي لا يملك كفايته ولا يقدر على تحصيلها ، فيجوز لزوجته أن تعطيه من زكاة مالها
من هو الفقير ومن هو المسكين :
-من له مسكن ملائم يحتاج إليه فلا يكلف بيعه للإنفاق منه .
-من له مال لا يقدر على الانتفاع به ، ولا يتمكن من الحصول عليه .
-من له نصاب أو نصب لا تفي بحوائجه وحوائج من يعولهم .
-من له عقار يدر عليه ريعاً لا يفي بحاجته .
-من لها حلي تتزين بها ولا تزيد عن حوائج مثلها عادة .
-من له أدوات حرفة يحتاج إلى استعمالها في صنعته ولا يكفي كسبه منها ولا من غيرها حاجته.
-من كانت لديه كتب علم يحتاج إليها سواء أكانت كتب علوم شرعية أم كانت كتب علوم أخرى نافعة .
-من كان عليه دين لا يستطيع تحصيله لكونه مؤجلاً أو على مدين مفلس أو مماطل .
مقدار ما يعطى للفقير والمسكين من الزكاة:
يعطى الفقير والمسكين كفايته لمدة عام .ويقصد بالكفاية كل ما يحتاج إليه هو ومن يعولهم من مطعم وملبس ومسكن وأثاث وعلاج وتعليم أولاده وكتب علم إن كان ذلك لازماً لأمثاله وكل ما يليق به عادة من غير إسراف ولا تقتير .
مع مراعاة حاجات المسلم بلا تفريق بين فقير وفقير باعتبار جنسيته .
هل يعطى من الزكاة كل من ادعى الفقر أو المسكنة:
نظراً لشيوع ادعاء الفقر والمسكنة ينبغي التحري في حالة الاشتباه قبل الإعطاء ويراعى في ذلك وسائل الإثبات الشرعية .
من الذي لا يعطى من سهم الفقراء والمساكين:
-الأغنياء وهم من يملكون كفايتهم وكفاية من يعولونهم لمدة سنة .
-الأقوياء المكتسبون الذين يقدرون على تحقيق كفايتهم وكفاية من يعولونهم .
-آل البيت الذين يعطون كفايتهم من بيت المال .
-غير المسلمين .