حرص الإسلام على ستر العورة ،كنوع من الحياء ،وطالب الرجل والمرأة بذلك ،وإن كانت المرأة مطالبة بوجه أخص ،لأن من أهم ما يميز المرأة حياءها،وقد حدد الفقهاء عورة المرأة عند وجود الأجانب، واطلاعهم على النساء ، وعورة المرأة كلها عدا الوجه والكفين وهو مذهب جمهور الفقهاء ،وعورة الرجل مابين السرة والركبة.
وجلوس النساء في الشرفات لابد فيه من ستر العورة إن كانت هناك ضرورة للجلوس فيها ، ولايجوز شرعا ذلك التساهل الملحوظ من كثير من النساء والفتيات ،من أنهن يجلسن في الشرفات كأنهن بعيدات عن أعين الناس، وليُعلم أن شرفة البيت أو شرفة الشقة هي كالشارع ، وليس العبرة بالمكان ،وإنما العبرة بالجو المحيط، فمادام هناك أجانب يطلعون على المرأة فيجب عليها أن تستر عورتها،إرضاء لربها سبحانه وتعالى ،وطلبا لعفوه،وطاعة لأمره،وهذا هو شأن المسلم الحق ،كما قال تعالى :(وماكان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم).

ولنعلم أن الله تعالى لا يحرم شيئا إلا لما فيه من ضرر، عرفه من عرفه، وجهله من جهله، وفي ستر العورات حفاظ على الأسر والمجتمعات،من أن تصاب بداء نشر الفاحشة ،وهو داء يفتك بالأمم،فكان في ستر المرأة عورتها ،وكذلك الرجل حفاظ خاص ،وحفاظ عام.

تقول الدكتورة فايزة خاطر رئيسة قسم العقيدة بكلية البنات الإسلامية جامعة الأزهر بالزقازيق:

الشرفات كانت في القديم تغطي بالمشربيات الإسلامية الجميلة حتى لا يظهر ما خلفها، ومع تطور الزمن تركنا هذا التراث الإسلامي العظيم واتجهنا إلى أنظمة في العمارة والبنيان لا علاقة لها بتشريعاتنا وأصبحت شرفات منازلنا مفتوحة تكشف الشارع ويكشفهاالجيران.

ونأسف إلى الحال الأخلاقي الذي عليه بعض الأسر في هذا العصر والتي تؤمن بالتحرر الزائد عن الحد فيجلسون في هذه الشرفات رجالا أو نساء أو فتيات وهم يرتدون الملابس القصيرة والشفافة والتي تظهر عورة الرجل والمرأة.

وأشارت إلى أن هؤلاء يفعلون ذلك وهم يتناسون أن الإسلام وضع محاذير للحرية الشخصية والتي لا تكون تجريحا لحياء الجار، لذلك فالعورة يجب سترها منذ آدم عليه السلام وإلى وقتنا هذا وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها لقوله تعالى “فطفقا يخصفان عليهما من ورقة الجنة” فإن الإنسان رجلا أو امرأة مطالب بستر العورة ، ففي العصر الحديث عصر التطور التكنولوجي يكون أولى وأوجب فالرسول حدد إزار المؤمن فعن علي بن محمد قال قلت لأبي سعيد هل سمعت من رسول الله شيئًا عن الإزار؟قال نعم سمعته يقول:”إزار المؤمن إلى أنصاف ساقيه لا جناح عليه ما بينه وبين الكعبين وما أسفل من الكعبين في النار” وقال : “غط فخذك فإن الفخذ عورة” .

وعن نافع بن عمر أن رسول الله قال: “إياكم والتعري فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط، وحين يفضي الرجل إلى أهله فاستحيوها وأكرموها”.
فيجب على الرجل أن يستحيي منهم لأنهم شاهدون عليه يوم القيامة، ويستر عورته بما يحفظ عليه دينه وحياءه.

أما المرأة فحينما تجلس في الشرفات أيضًا لابد ألا تتحرر من ملابسها باعتبارها في منزلها ولكنها يجب أن تعرف أن هناك عيونا ترصدها فتكون محتشمة وجلستها معتدلة وحركاتها وسكناتها محترمة لأن الشارع يكشفها.
فيجب ألا يظهر منها إلا الوجه والكفان.

نجد أن بعض النساء يجلسن في الشرفات وهي متناسية رصد العيون لها فيأخذ ذلك عليها دليلا على عدم حيائها وجراءتها وخروجها على التشريع والأخلاق الأمر الذي يوجب على الرجل والمرأة والفتاة عند الخروج إلى شرفات المنازل أن يلتزموا الحياء والأخلاق الإسلامية التي التزموا بها.

و كان لزاما على الجيران أن يحافظوا على حرماتهم فلا يخدشون لهم حياء ولا يسببون لهم حرجًا في هذا الأمر فيسود بين الجيران الاحترام المتبادل والمحبة والتعاون ومراعاة الشعور بينهم. وهذا إن تحقق بين أفراد المجتمع شاعت بينهم كل القيم الإيجابية الداعية إلى تعميق حقوق الجيران والمحافظة عليها.انتهى
والخلاصة أن التساهل في كشف العورات في الشرفات لا يجوز شرعا ،والشرفة لا تأخذ حكم البيت،لأن الشرفة غير مستورة عن الأعين.