الدعاء للكافرين ليس ممنوعاً بإطلاقه ، وأيضا ليس مباحاً بعمومه، ولكن في المسألة تفصيل؛ الدعاء للكافر الحي غير الدعاء للكافر الميت، والدعاء للكافر بخير الدنيا غير الدعاء له بخير الآخرة، ولكل حالة حكمها.
الدعاء للكافر الميت
نحن ممنوعون منه؛ لقوله تعالى: ( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ).
الدعاء للكافر الحي
يدعى له بالهداية، وأن يرزقه الخير في الدنيا، وأن يرزقه الله العافية.
الاستغفار أو طلب الرحمة لغير المسلم
يقول فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر:
تحدّث العلماء عن الاستغفار أو طلب الرّحمة لغير المسلم، في حال حياته أو بعد مَماته، فقالوا: إن كان حَيًّا جاز الاستغفار وطلب الرّحمة والهِداية بالتوفيق إلى الإيمان.
-وعليه يُحمل ما ثبت عن النبي ـ ﷺ ـ أنه قال عن قومِه المُشركين: “اللهمّ اغفِرْ لقومِي فإنّهم لا يَعلمون” رواه البخاري ومسلم، وذلك على بعض الأقوال التي قالت: إن هذا إنشاء من الرسول، وليس حكاية عن نَبي سابق دعا لقومِه.
-ويحمل أيضا ما رواه مسلم أن النبي ـ صلّى الله عليه وسلم ـ لمَّا زار عمّه أبا طالب في مرضِه الذي مات فيه وعرَض عليه الإسلام فأبى، قال : “أما والله لأستغفِرَنّ لكَ ما لم أُنْهَ عن ذلك” فأنزل الله تعالى: (مَا كَانَ للنَّبِيِّ والذينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغفِروا للمُشركينَ ولو كانوا أُولِي قُرْبَى مِن بَعدِ ما تبيّن لهم أنّهم أصحابُ الجَحيم . وما كانَ استِغفارُ إبراهيم لأبِيهِ إلا عن مَوعِدة وعدَها إيّاه فلمّا تبيّن له أنّه عدُوٌّ الله تبرَّأَ منه) (التوبة : 113، 114).
فالاستغفار للأحياء جائز؛ لأن إيمانهم مرجُوٌّ، أما من مات فقد انقطع عنه الرجاء فلا يُدعَى له. قال ابن عباس: كانوا يستغفرون لموتاهم فنزلت، فأمسَكوا عن الاستغفار ، ولم ينْهُهم أن يستغفروا للأحياء حتى يموتوا.
فالدُّعاء لمن ماتَ غير مؤمِن بأن الله يرحمه أو يغفر له، أو قراءة الفاتحة له، لذلك لا يجوز، وقد روى مسلم أن النبي ـ ﷺ ـ استأذَن ربَّه أن يستغفر لأمِّه فلم يأذَن له.أهـ
حكم الدعاء للكافر
يقول د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى ـ المملكة العربية السعودية:
من مات كافراً لا يجوز الدعاء له ولا الاستغفار أو الترحم ونحو ذلك، قال الله –تعالى-: ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم) [التوبة: 113]، وقد استأذن النبي – ﷺ- ربه في الاستغفار لأمه بعد موتها فأذن له في زيارة قبرها، ولم يأذن له في الاستغفار لها.
أما الحي فيجوز أن يُدْعَى له بالهداية وبشرح صدره للإسلام وبالعافية ونحوها، وقد قال النبي – ﷺ-: “اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك” رواه أحمد والترمذي وقال عنه: حسن صحيح غريب، أو كما قال – ﷺ- وهذا يتضمن الدعوة بهداية أحدهما للإسلام، وكان هذا قبل إسلام عمر – رضي الله عنه-، وكذلك ورد: “اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون” البخاري ومسلم.