هناك أحاديث وردت في موضوع “الجذام” هي كالتالي:

ا- صحيح البخاري، معلقا، في كتاب الطب، باب الجذام، من طريق سعيد بن ميناء، قال: سمعت أبا هريرة –رضي الله عنه- يقول: قال رسول الله --: “لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صَفَر، وفر من المجذوم كما تفر من الأسد”.

2- صحيح مسلم (2231)، عن عمرو بن الشَّريد عن أبيه، قال: كان في وفد ثقيف رجل مجذوم، فأرسل إليه النبي : ” إنا قد بايعناك فارجع”. والحديث عند النسائي أيضًا (4182).

3- سنن أبي داود (3925) من طريق محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله –رضي الله عنهما- أن رسول الله -- أخذ بيد مجذوم فوضعها معه في القصعة، وقال: “كل ثقة بالله وتوكلا عليه “. والحديث عند الترمذي كذلك (1817)، وابن ماجة (3542).

فذهب جماعة من العلماء إلى أن أحاديث الفرار من المجذوم منسوخة بأحاديث نفي العدوى، والذي عليه أكثر أهل العلم أنه لا نسخ، وأن الواجب إما الجمع أو الترجيح، وبكل أخذ طائفة من العلماء.

والذي يترجح لنا أن الجمع ممكن وهو بأحد وجهين:

الأول: أن يقال: إن المراد بنفي العدوى نفي الاعتقاد الجاهلي من أن المرض يعدي وينتقل بنفسه من غير إرادة الله تعالى وتقديره, أما أمره بالفرار من المجذوم ونحوه فهو بيان منه أن العدوى من أسباب انتقال الأمراض, ففي أمره بالفرار إثبات للأسباب، وفي نفيه للعدوى أنها لا تستقل بالتأثير.

الثاني: أن يقال: إن نفيه للعدوى نفي لها بالكلية وإنها غير مؤثرة، إذ كثيراً ما يخالط المريض ولا يصاب المخالط بشيء، وأما أمره بالفرار من المجذوم فهو لئلا يقع المخالط في ذلك المرض تقديراً من الله تعالى، فيظن عدم مطابقة خبر النبي -- للواقع في نفيه للعدوى، فيفضي به ذلك إلى إثبات ما نفاه الله ورسوله.

وعلى كل حال فالواجب على المؤمن أن يعتقد أن قول النبي -- حق لا تعارض في شيء منه إذا ثبت عنه، وما كان من تعارض قد يظنه الناظر في قوله فإنما هو في الفهم والذهن، والأحاديث وحي كما قال تعالى: “وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى. إن هوَ إلا وَحيٌ يوحَىَ” [النجم: 3-4].