من أهم أبواب الفقه فى عصرنا الحديث وهو “فقه الأقليات المسلمة “جاء في كتاب الأمة “من فقه الأقليات المسلمة” للأستاذ خالد محمد عبد القادر أستاذ الشريعة بكلية الإمام الأوزاعى ببيروت:

أجمع العلماء على أن الجمعة واجبة، وفرض عين، وأن تركها إثم بلا خلاف” لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون) (الجمعة: 9).

وجاء في صحيح مسلم: أن رسول الله ـ ـ قال: “لينتهين أقوام عن ودعهم (تركهم) الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين”.

متى يبدأ وقت صلاة الجمعة:

ذهب جمهور العلماء إلى أن وقت الجمعة هو بعد الزوال، وإن وقعت قبله لا تجوز، إلا عند أحمد وابن راهويه وعطاء لما رواه مسلم: “كنا نصلي مع رسول الله الجمعة ثم نرجع فنريح نواضحنا [ أي إبلنا] حين تزول الشمس”.

قلت: ومجموع الأحاديث يدل على أنه تصح حال الزوال وقبله.
وفي المغني والشرح، المستحب إقامتها بعد الزوال للأدلة، وفي ذلك خروج من الخلاف.

قلت: إن اضطرت جماعة في دار الكفر إلى تقديمها على الزوال بدافع المشقة والظروف الحرجة فيمكن أن يعملوا بقول أحمد ومن معه، وهو قول ابن عباس والشوكاني، على ألا تتقدم عن الزوال بوقت طويل، لأن الحديث الذي استدل به أحمد يدل على أن الزوال يبدأ بعد الانتهاء من الخطبة والصلاة حسب ظاهره.
وإن لم تكن هناك مشقة، أقيمت بعد الزوال وهو عمل السلف. وقد أجاز الإمام مالك الخطبة قبل الزوال دون الصلاة.وأما عن آخر وقتها، فالجمهور على أنه آخر وقت الظهر.

هل يجوز أن تكون خطبة الجمعة بغير العربية:

أجمع العلماء على أن الخطبة شرط، فهل تصح بغير العربية؟
إن توفر إمام يحسن إقامة الجمعة، لهو من فرض الكفايات، بحيث لو قصرت جماعة أثموا جميعًا بالتقصير، لقوله تعالى: (إلا تنفروا يعذبكم عذابًا أليما) (التوبة: 39).

أما عن صحة الخطبة بغير العربية، فقد ذهب الجمهور إلى أنها تشترط بالعربية؛ لأنه ذكر مفروض، فشرط فيه العربية كالتشهد، وتكبيرة الإحرام، ولأنه فعل النبي ـ علية الصلاة والسلام ـ فقد كان لا يخطب إلا بالعربية.

وذهب أبو حنيفة إلى جوازها بغير العربية، بعذر وبغير عذر، وأجازها صاحباه بعذر، وكذا الحنابلة، وعندهم رواية توافق رأي أبي حنيفة، ولكنها مرجوحة في المذهب.

ما فائدة خطبة الجمعة بالعربية إذا كان المستمعون لا يفهمونها:

قيل: (فائدتها العلم بالوعظ من حيث الجملة) قاله القاضي حسين من الشافعية قلت: وما فائدة العلم بالوعظ الإجمالي ما دام المستمع لا يعقل ولا يدري ما يقال له؟ وهل الخطبة بالعربية مقصودة لذاتها حتى يقال بأنها لا تصح بغيرها، وإن كان القوم لا يفهمون منها شيئًا؟ أم لما تحويه من تعليم وتوعية؟
وللخروج من الخلاف، وليطمئن كل مسلم إلى أن صلاته صحيحة، يمكن اتباع إحدى الطريقتين الآتيتين:

الأولى: أن يأتي الخطيب بأركان الخطبة ـ التي قال بها الموجبون للعربية ـ بالعربية، ثم يأتي بالوعظ بلغة السامعين للحاجة والعذر.

والأركان هي: الابتداء بحمد الله، وقراءة آية أو أكثر من القرآن، والصلاة على رسول الله ـ ـ، الوصية بتقوى الله، والدعاء للمسلمين.

الثانية: أن تلقى الخطبة بالعربية، ثم تترجم، سواء في أثنائها، أم بعد الانتهاء من صلاة الجمعة، سواء من قبل الخطيب نفسه، أم من آخر يقوم مقامه.

ونستطيع أن نقول: إنه يجوز إقامة الخطبة بغير العربية إن كان هناك عذر وحاجة وإلا فلا، مع مراعاة قراءة الآيات كما أنزلت ثم تترجم.

آداب خطبة الجمعة:

-يستحب في الخطبة أن تكون قصيرة لقول النبي ـ : “إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنه من فقه” ، أي دليل وعلامة عليه، ولما رواه جابر بن سمرة: “أن صلاة النبي ـ ـ كانت قصدًا وكذلك خطبته”

-ويجب لها الإنصات على قول الجمهور لقول النبي ـ : “من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل أسفارًا، والذي يقول: أنصت ليست له جمعة” أي بالقياس على غير الصامت، ولكن صلاة من تكلم صحيحة بالإجماع، ولا يشترط لها أن تكون في المسجد، فلو أقيمت في أماكن عامة أو ساحات صحت، وكذا معابد أهل الكفر للضرورة.

-ويستحب في خطيب الجمعة أن يكون متخصصًا بدراسة الفقه، والفكر الإسلاميين، وأن يكون ملما بثقافة القوم ومشكلاتهم المتنوعة، من أخلاقية، واجتماعية، واقتصادية، وتربوية وغير ذلك، ليكون أقدر على طرح الحلول ومعالجتها من وجهة نظر إسلامية.

-وأن يتطرق إلى المواضيع التي تهم حديثي العهد بالإسلام، من عقيدة، وعبادة، وتركيز على عالمية الإسلام، وخلوده وصلاحه.
-وأن يعرفهم بموقف الإسلام من الحركات المنتشرة في بلاد الكفر ليكون المسلم على بينة منها، وأن يشعرهم بأن لهم إخوة من ورائهم يهتمون بمشاكلهم، ويفكرون بحاضرهم ومستقبلهم، وأن يبتعد عن الخلافيات قدر الإمكان، وأن يراعي أوقات المصلين.

الأعذار المبيحة لترك صلاة الجمعة:

يعذر بترك الجمعة: المرأة، والصبي، والمسافر، والمريض، الذي يشق عليه حضورها، وأيام الوحل والمطر الذي يبل الثياب، والريح الشديدة، والحر والبرد الشديدين، والزمن، والأعمى الذي ليس له قائد، ومن له مريض يخاف ضياعه؛ لأن حق المسلم آكد من فرض الجمعة، ومن بحضرة طعام وهو محتاج إليه، والعريان، والذي يخاف من ظالم على نفسه أو ماله، ومن هو بعيد عن مكان إقامتها، بحيث لو حضر لشق عليه الأمر.

ولا يدخل ضمن الأعذار طلاب العلم في تلك الديار، ولو اقتضت بعض المواد الدراسية حضوره؛ لأن الجمعة من العبادات التي لا تتكرر، ولا تقع إلا مرة في الأسبوع، فوجب تداركها، وعلى الطالب أن يهيئ وقتها.

وأجمع أهل العلم على أن من فاتته الجمعة لزمه الظهر ، وذهب أكثر العلماء إلى أنه إن صلى أصحاب الأعذار قبل صلاة الإمام فلهم ذلك، ولهم أن يصلوا الظهر جماعة.