هذا الشهر من الأشهر الهامة في حياة المسلم فهو شهر بين شهر الله المحرم، وشهر رمضان المعظم، في هذا الشهر فرصة لمن لم يتيسر له قضاء الأيام التي أفطرها في رمضان لمرض أو سفر أو عذر موجب للفطر، قبل أن يأتي رمضان الآخر وذمته مشغولة بصيام سابق.

في هذا الشهر استحدث الناس بدعا وأشياء لا تمت للسنة بصلة كصيام النصف من شهر شعبان، والأفضل صيامها مع الثالث عشر والرابع عشر بنية صيام الأيام البيض .

في هذا الشهر يستعد المسلم لاستقبال شهر رمضان وما فيه من الخيرات والفضائل العظام، فهيا نشمر سواعد الجد ونحيي هذا الشهر وفق سنة المعصوم بلا إفراط ولا تفريط، لندخل هذا الشهر وقد عزمنا النية على أن نري الله منا خيرا .

ماذا يفعل المسلم في شهر شعبان:

الله تبارك وتعالى يقول: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا).

فعلى كل مسلم ومسلمة الاستعداد الكامل لاستقبال شهر رمضان المبارك وذلك بمراجعة حساباته الإيمانية وأن يلجأ إلى الله تبارك وتعالى خلال شهر شعبان بالتوبة النصوح وكثرة الاستغفار والدعاء بأن يبلغه الله تبارك وتعالى شهر رمضان ويرزقه صيام نهاره وقيام لياليه لأن صيام شهر رمضان هو عبارة عن دورة إيمانية يستضيئ بها المسلمون بأنوار القرآن الكريم تدبرًا ومدارسةً، فتساعدهم على ملازمة الطاعة وشحذ الهمم إلى معالي الأمور.

وقد كان الرسول وصحابته رضوان الله تعالى عليهم أجمعين وكذلك الرعيل الأول من التابعين يستعدون لاستقبال هذا الشهر الفضيل فعن أبي سلمة قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن صيام رسول الله ، فقالت: كان يصوم حتى نقول قد صام، ويفطر حتى نقول قد أفطر، ولم أره صائما من شهر قط أكثر من صيامه في شعبان.

كيف يكون الاستعداد لشهر رمضان:

إن من رحمة الله تعالى على العباد أن جعل لهم مواسم للخير العظيم وللأجر الكبير، يحاسبون فيها أنفسهم على ما فات، ويستعدون لما هو آت، لأن القلوب تصدأ في غمرات الحياة، وتبتعد عن الطريق المستقيم، فلا بد لها من لجام يعيدها لجادة الطريق، ويبعدها عن مزالق الزيغ، ومن مواسم الخير شهر شعبان، الذي هو بشارة رمضان، فهو بشير المؤمنين الصادقين، وسلوة المتقين المخبتين، يتلذذون فيه بمختلف الطاعات، ويرجون ربهم أن يبلغهم به شهر الرحمات، شعارهم فيه و«عجلت إليك ربي لترضى».

والمسلم الحق هو الذي يفتح ملفات العام كلها في شهر شعبان، فيزيل منها ما كان من قبيح بالتوبة والاستغفار، ويضاعف ما كان فيها من جميل بالإنابة والامتنان.

وشهر شعبان شهر يحبه رسولنا الكريم ، ويستبشر به، ومن أعظم العبادات التي كان يؤديها فيه الصوم كيف لا وهو القائل في الحديث الذي يرويه أسامة بن زيد رضي الله عنه: «.. وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم».

فعليك أيها المسلم أن يكون قدوتك الحبيب ، فراجع نفسك، واستعرض أعمالك، فإن وافقت ما كان عليه الرسول وصحبه فأحمد الله على ذلك، وإن وجدت غير ذلك فعليك بالمبادرة فالعمر قصير والمنايا تتخطف الناس، ولا يعلم أحدنا متى تحين ساعته، فاجتهد أن يراك الله حيث يحب لا حيث يكره، وداوم على الاستغفار والذكر، فبها ترق القلوب، وتنشط الجوارح، وتسمو الأرواح إلى باريها.

وأشار النبي أن لله – سبحانه وتعالى – في أيامنا فضائل ومنح، حثنا الحبيب (صلى الله عليه وآله وسلم) على اغتنامها، فقال: «إن لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها لعل أحدكم أن يصيبه منها نفحة لا يشقى بعدها أبداً»، ومن تلك الأيام أيام شهر شعبان.

وشهر شعبان كما أخبرنا النبي (صلوات الله وسلامه عليه) هو «شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان»، فنبهنا بذلك إلى أن هذا الشهر المبارك فيه من الخير ما يغفل الناس عنه، لانشغال الناس بشهر رجب من قبل، ثم تشوقهم وانشغالهم لشهر رمضان من بعده.

فقد روى الإمام مسلم عن أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «ما كان يصوم في شهر ما كان يصوم في شعبان، كان يصومه إلا قليلا»،

وفي لفظ: «ما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان، وما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان».

وأشار إلى من من الأعمال المستحبة في شهر شعبان ما كان يحرص عليه السلف الصالح وأهل الفلاح من عمارة أوقات شهر شعبان بالاستغفار، وذكر الله (سبحانه وتعالى)، والتصدق على الفقراء والمساكين، وختم القرآن وغيرها من الطاعات، وقد كان السلف والتابعون إذا دخل شهر شعبان يقولون: «هذا شهر القراء» لكثرة قراءة القرآن فيه، وفي ذلك عمارة للأوقات والأيام التي يغفل عنها الناس بالطاعة.