يقول العلماء : في شرح حديث : ولا ينفع ذا الجد منك الجد
هذا تمثيل؛لأن الكلام لا يسع الأماكن، والمراد به كثرة العدد.
كأن المعنى : لو قدر أن تكون كلمات الحمد أجساما لبلغت من كثرتها أن تملأ السماوات والأرض، ويجوز أن يكون المراد به تفخيم شأن كلمة الحمد ويجوز أن يريد به أجرها وثوابها.
وأما معنى : ” ولا ينفع ذا الجد منك الجد ” فالجد معناه الغنى، أي لا ينفع صاحب الغنى غناه عندك وإنما ينفعه عمله الصالح.
( لا ينفع ذا الجد منك الجد) : أي لا ينفع الغني يوم القيامة غناه ، يقول تعالى : {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } وإنما ينفعه ما قدمه من الأعمال الصالحة التي يرجو من الله قبولها منه.
يقول الشيخ المباركفوري شارح كتاب سنن الترمذي : (لا ينفع ذا الجد منك الجد) بفتح الجيم في اللفظين أي : لا ينفع صاحب الغنى منك غناه ، وإنما ينفعه العمل الصالح.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري شرح صحيح البخاري :
” قال الخطابي ـ صاحب معالم السنن ـ : الجد الغنى ، ويقال : الحظ. وقال النووي ـ شارح صحيح مسلم ـ : الصحيح المشهور الذي عليه الجمهور أنه بالفتح ، وهو الحظ في الدنيا بالمال أو الولد أو العظمة أو السلطان، والمعنى: لا ينجيه حظه منك ، وإنما ينجيه فضلك ورحمتك..” أهـ
قال الخطابي : الجد الغنى، ويقال: الحظ , والجد مضبوط في جميع الروايات بفتح الجيم ومعناه الغنى كما نقله المصنف عن الحسن , أو الحظ.
وحكى الراغب أن المراد به هنا أبو الأب , أي لا ينفع أحدا نسبه.
قال القرطبي: حكي عن أبي عمرو الشيباني أنه رواه بالكسر، وقال : معناه لا ينفع ذا الاجتهاد اجتهاده. وأنكره الطبري.
وقال القزاز في توجيه إنكاره : الاجتهاد في العمل نافع؛ لأنَّ الله قد دعا الخلق إلى ذلك , فكيف لا ينفع عنده؟ قال : فيحتمل أن يكون المراد أنه لا ينفع الاجتهاد في طلب الدنيا وتضييع أمر الآخرة.
وقال غيره : لعل المراد أنه لا ينفع بمجرده ما لم يقارنه القبول , وذلك لا يكون إلا بفضل الله ورحمته , كما تقدم في شرح قوله: ” لا يدخل أحدا منكم الجنة عمله ” وقيل: المراد على رواية الكسر السعي التام في الحرص أو الإسراع في الهرب. قال النووي : الصحيح المشهور الذي عليه الجمهور أنه بالفتح، وهو الحظ في الدنيا بالمال أو الولد أو العظمة أو السلطان, والمعنى: لا ينجيه حظه منك , وإنما ينجيه فضلك ورحمتك.