يقول فضيلة الشيخ حسنين مخلوف- رحمه الله- :
نص الحنفية على أن الدخان عامة إذا دَخَل حَلْق الصائم بدون صنع منه لا يُفسد صومه لعدم إمكان التَّحَرُّز عنه، فصار كالبلل يَبْقَى في الفم بعد المضمضة لعدم القدرة على الامتناع عنه، وأما إذا أَدْخَله حَلْقه بصنعه وإرادته أيًّا كان الدخان، وبأيِّ صورة كان إدخاله، وهو متذكر صومه، فإن صومه يَفْسُد شرعًا لإمكان التحرز عنه.
وقد فرَّع العلامة الشُّرُنبُلالي على ذلك حكم شرب الدخان المعروف كما في “إمداد الفتاح” وشرحه على الوَهْبَانية فقال بلزوم الكفارة مع القضاء في حالة فساد الصوم، وهي الحالة الثانية المذكورة بناء على الأَصَحِّ في وُجُوبِ الكفارة بتناول ما يَمِيل إليه الطبع وتنقضي به شهوة البطن، وتابعه العلامة ابن عابدين في حاشية الدر.
ولا شك أن الدخان المعروف من أشد ما تستدعيه الشهوة وتَمِيلُ إليه نفوس شاربيه، حتى إن أكثرهم يصبر على الجوع والظمأ الشديدين ولا يكاد يصبر على تَرْكه، ففي شربه في نهار رمضان عمدًا القضاء والكفارة على الأصح.