روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرًا يكون ثلاثة أيام فصاعدًا إلا ومعها أبوها أو أخوها أو زوجها أو ابنها أو ذو محرم منها” ورويا أيضًا أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم إنه اكتتب في الغزو؛ وإن امرأته خرجت للحج، فقال له “حج مع امرأتك” إزاء هذين النصين وغيرهما اختلف العلماء في اشتراط المحرم في وجوب الحج على المرأة, وفي سفرها لعمل شيء واجب ومحتم، وبعد استعراض وجهات نظرهم فهناك اتفاق على أن الحج الواجب يكفي فيه حصول الأمن عنها بأية وسيلة من الوسائل. كصحبة الزوج أو المحرم أو الرفقة المأمونة أو الإشراف الرسمي المتدين.
ومثل الحج الواجب السفر لواجب آخر كالعلاج الذي ينقذ حياة المريض. أما الأمور المندوبة أو الكمالية غير الواجبة فلا بد للسفر لها من صحبة الزوج أو المحرم.

وإذا كان سفر المرأة لزيادة التفوق فإن تعلم الهندسة مثلا وإن كان مشروعًا وهامًا وبخاصة في العصر الحديث، فإنه ليس فرضًا عينيًا يجب على كل واحد، بل هو فرض كفائي إن وصل إلى هذه الدرجة لو قام بها البعض سقط الطلب عن الباقين. وهو ممكن للرجال ولا داعي للنساء. فلهن مهمات أخرى مناسبة، وبالتعاون بين الجنسين تتم الفائدة ويؤمن الزلل.

على هذا يحرم سفر المرأة إلى الخارج لهذه الدراسة بدون زوج أو محرم، ولا تكفي رفقة الزميلات والزملاء وبخاصة ما نراه في تلك البلاد من التمتع غير المحدود بالحرية المزعومة، ومن المغريات التي تشتد شدًا من يعيش في جوها إلى مجاراة العصر بكل ما فيه مما يشكو منه العقلاء المنصفون.
وأرجو أن يتنبه الجميع إلى أن الوقوع في المعصية مع الشعور بأنها معصية أخف من الوقوع فيها مع اعتقاد أنها حلال أو طاعة، فإنه في الحالة الأولى يمكن التوبة والتزام الطريق الصحيح، أما في الحالة الثانية فقل أو ندر أن يكون ثمة رجوع واستقامة. والواقع أثبت صدق ما نقول، والشواهد كثيرة في القديم والحديث.