إذا لم يستطع المريض السجود على الأرض فيكفيه أن يومئ برأسه ، فإذا وضع بين يديه شيئا مثل الوسادة ليسجد عليها فقد اختلف الفقهاء في جواز ذلك ، واختار الجواز الإمام أحمد بن حنبل،والإمام الشافعي . كما جاء ذلك عن عدد من السلف.
فقد ترجم ابن أبي شيبة في مصنفه ترجمة بعنوان : ” في المريض يسجد على الوسادة والمرفقة “
وأورد تحت هذه الترجمة هذه الآثار:-
-حدثنا …………. قال بن عباس يسجد المريض على المرفقة والثوب الطيب .
-حدثنا ……… حدثتني أم الحسن أنها رأت أم سلمة رمدت عينها فثنت لها وسادة من أدم فجعلت تسجد عليها.
-حدثنا ……… عن الحسن عن أمه عن أم سلمة مثله إلا أنه قال اشتكت عينها
-حدثنا ……… عن أنس أنه سجد على مرفقه .
-حدثنا ……… كان أبو العالية مريضا وكانت مرفقة تثني له فيسجد عليها .
-حدثنا ……… عن الحسن أنه كان لا يرى بأسا أن يسجد الرجل على المرفقة والوسادة في السفينة.
وقد ذكر بعد ذلك بباب بابا آخر بعنوان : ” باب من قال المريض يومئ إيماء” وذكر تحته آثارا عن بعض السلف تفيد كراهيتهم لاتخاذ الوسادة ، وكذلك فعل مثله عبد الرزاق في مصنفه.
هل يجوز السجود على شيء مرتفع:
قال ابن قدامة في المغني :-
“وإن وضع بين يديه وسادة , أو شيئا عاليا , أو سجد على ربوة أو حجر , جاز , إذا لم يمكنه تنكيس وجهه أكثر من ذلك . وحكى ابن المنذر , عن أحمد , أنه قال : أختار السجود على المرفقة . وقال : هو أحب إلي من الإيماء . وكذلك قال إسحاق . وجوزه الشافعي , وأصحاب الرأي . ورخص فيه ابن عباس . وسجدت أم سلمة على المرفقة . وكره ابن مسعود السجود على عود , وقال : يومئ إيماء .” انتهى.
ثم نقل ابن قدامة رواية أخرى عن أحمد تفيد أن الإيماء أحب إليه من السجود على الوسادة مع تجويز السجود عليها في الوقت ذاته.
وهذا الحديث الذي سقته، أورده الشيخ سيد سابق – صاحب فقه السنة – رحمه الله- فقال : “عن جابر قال : عاد النبي ﷺ مريضا فرآه يصلي على وسادة فرمى بها وقال : صل على الأرض إن استطعت وإلا فأومئ إيماء واجعل سجودك أخفض من ركوعك . رواه البيهقي وصحح أبو حاتم وقفه ” . ومعنى أن الحديث موقوف أن الذي رمى الوسادة، وقال :صل على الأرض إن استطعت وإلا فأومئ إيماء واجعل سجودك أخفض من ركوعك هو سيدنا جابر بن عبد الله الصحابي، وليس النبي ﷺ.
صحة حديث أن النبي قال صلي على الأرض إن استطعت وإلا فأومىء:
قال الشيخ الألباني– رحمه الله- معقبا على هذا الحديث في تمام المنة :-
قد تعقب أبا حاتم الحافظ في ” التلخيص ” بأن ثلاثة من الثقات رووه مرفوعا يشير إلى أن الصواب رفعه وهو كما قال . لكن للحديث علة أخرى وهي تدليس أبي الزبير عن جابر كما ذكرته في ” تخريج صفة صلاة النبي ﷺ ” إلا أن له طرقا أخرى وشاهدا بسند صحيح عن ابن عمر . فلا شك في صحة رفع الحديث إلى النبي ﷺ .انتهى.
والثقات الثلاثة هؤلاء هم : (أبو أسامة وأبو بكر الحنفي وعبد الوهاب) وحينما رمى أبو حاتم الحديث بالوقف قيل له : فإن أبا أسامة قد روى عن الثوري في هذا الحديث مرفوعا، فقال أبو حاتم : ” ليس بشيء”
ولا شك أن الأخذ بحديث النبي ﷺ – إذا صح -أولى من الأخذ بما جاء عن بعض السلف، ولكن
الشيخ الشعراوي إذا صح ذلك عنه فهو إمام مجتهد يختار من الآراء ما يؤديه إليه اجتهاده .