إذا سجن الزوج ولم تطق زوجته على غيابه صبرا فإنه يحل لها طلب الطلاق ولو كان له مال تستطيع الإنفاق منه، فالقول في امرأة الأسير والمحبوس ونحوهما ممن تعذر انتفاع امرأته به كالقول في امرأة المفقود بلا نزاع.
أما المدة التي يحل لها أن تطلب بعدها التفريق فهي من مسائل الاجتهاد، فقد روي عن مالك رحمه الله أنه يتعين مرور سنة يتحقق فيها الضرر وتشعر المرأة فيها بالوحشة حتى يحق لها المطالبة بالتفريق، وروي عن غيره ثلاث سنوات، وروي عن أحمد أن لها طلب التفريق بعد ستة أشهر ، وهو المختار لنا لأنها أقصى مدة تستطيع المرأة الصبر فيها على غياب زوجها، وهو اجتهاد عمريّ سنَّـه الفاروق رضي الله عنه، وينبغي أن تطلب ذلك من الزوج أولاً لأنه صاحب العصمة، فإن أجابها إلى ذلك فقد قضي الأمر، وإن أبى وأصر على إمساكها رفعت أمرها إلى القضاء إن كانت في بلد من بلاد المسلمين ، أو إلى المركز الإسلامي إذا كانت خارج ديار الإسلام، ولمن نصبته الجالية المسلمة للنظر في هذه القضايا ولاية التطليق على من يمسك زوجته ضرارا بعد التثبت وتحقيق الوقائع والإعذار بضرب الآجال المناسبة عند الاقتضاء.
أما إذا غاب الزوج غيبة لا يعرف بها مكانه فإن للزوجة المتضررة بذلك طلب التفريق، وعلى القاضي أو من أقامته الجالية المسلمة للنظر في هذه القضايا تحري الأمر وتدقيق الملابسات وطلب البينة، فإن ثبت ذلك أمامه قضى بالتفريق بينهما، والقول في المدة هو نفس ما سبق إيراده بالنسبة لزوجة السجين والأسير.