لا تجب زكاة الفطر على الجنين، ولكن ذهب ابن حزم إلى وجوبها عليه، وذهب أحمد بن حنبل في رواية إلى ذلك، ولكن الراجح عدم وجوب زكاة الفطر عليه لأن الجنين لا يثبت له من الأحكام سوى الوصية والإرث بشرط أن يولد حيا، ولكن يستحب لأبيه أن يخرجها عنه استحبابا لا وجوبا.
وقد ناقش الحافظ العراقي كتابه طرح التثريب أدلة ابن حزم فقال:
استدل ابن حزم بالرواية التي فيها ذكر الصغير على وجوب زكاة الفطر على الجنين في بطن أمه، فقال:

 والجنين يقع عليه اسم صغير, فإذا أكمل مائة وعشرين يوما في بطن أمه قبل انصداع الفجر من ليلة الفطر وجب أن تؤدى عنه صدقة الفطر ثم استدل بحديث ابن مسعود الثابت في الصحيحين { يجمع خلق أحدكم في بطن أمه أربعين يوما ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله إليه ملكا , وفيه ثم ينفخ فيه الروح } ثم قال: هو قبل ما ذكرنا موات فلا حكم على ميت.
وأما إذا كان حيا فكل حكم وجب على الصغير فهو واجب عليه ثم ذكر من رواية بكر بن عبد الله المزني وقتادة أن عثمان رضي الله عنه كان يعطي صدقة الفطر عن الصغير والكبير حتى عن الحمل في بطن أمه , وعن أبي قلابة قال كان يعجبهم أن يعطوا زكاة الفطر عن الصغير والكبير حتى عن الحمل في بطن أمه . قال وأبو قلابة أدرك الصحابة وصحبهم وروى عنهم , وعن سليمان بن يسار أنه سئل عن الحمل أيزكى عنه؟  قال: نعم . قال ولا يعرف لعثمان في هذا مخالف من الصحابة ا هـ .
قال والدي رحمه الله في شرح الترمذي: واستدلاله بما استدل به على وجوب زكاة الفطر على الجنين في بطن أمه في غاية العجب، أما قوله { على الصغير والكبير } فلا يفهم عاقل منه إلا الموجودين في الدنيا , أما المعدوم فلا نعلم أحدا أوجب عليه، وأما حديث ابن مسعود فلا يطلع على ما في الرحم إلا الله كما قال { ويعلم ما في الأرحام } وربما يظن حملها وليس بحمل , وقد قال إمام الحرمين: لا خلاف في أن الحمل لا يعلم، وإنما الخلاف في أنه يعامل معاملة المعلوم، بمعنى أنه يؤخر له ميراث لاحتمال وجوده، ولم يختلف العلماء في أن الحمل لا يملك شيئا في بطن أمه، ولا يحكم على المعدوم حتى يظهر وجوده .

قال: وأما استدلاله بما ذكر عن عثمان وغيره فلا حجة فيه ; لأن أثر عثمان منقطع فإن بكرا وقتادة روايتهما عن عثمان مرسلة والعجب أنه لا يحتج بالموقوفات , ولو كانت صحيحة متصلة، وأما أثر أبي قلابة فمن الذين كان يعجبهم ذلك وهو لو سمى جمعا من الصحابة لما كان ذلك حجة، وأما سليمان بن يسار فلم يثبت عنه فإنه من رواية رجل لم يسم عنه، فلم يثبت فيه خلاف لأحد من أهل العلم ،بل قول أبي قلابة: ” كان يعجبهم ” ظاهر في عدم وجوبه , ومن تبرع بصدقة عن حمل رجاء حفظه وسلامته فليس عليه فيه بأس , وقد نقل الاتفاق على عدم الوجوب قبل مخالفة ابن حزم، فقال ابن المنذر ذكر كل من يحفظ عنه العلم من علماء الأمصار أنه لا يجب على الرجل إخراج زكاة الفطر عن الجنين في بطن أمه، وممن حفظ ذلك عنه عطاء بن أبي رباح ومالك وأبو ثور وأصحاب الرأي، وكان أحمد بن حنبل يستحب ذلك، ولا يوجبه، ولا يصح عن عثمان خلاف ما قلناه ا هـ . وعن أحمد بن حنبل رواية أخرى بوجوب إخراجها عن الجنين.أهـ
وجاء في المغنى لابن قدامة المقدسي رحمه الله:
ومن أخرج عن الجنين , فحسن وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه يخرج عن الجنين المذهب أن الفطرة غير واجبة على الجنين . وهو قول أكثر أهل العلم .

 قال ابن المنذر : كل من نحفظ عنه من علماء الأمصار لا يوجبون على الرجل زكاة الفطر عن الجنين في بطن أمه . وعن أحمد , رواية أخرى أنها تجب عليه ; لأنه آدمي , تصح الوصية له , وبه ويرث فيدخل في عموم الأخبار , ويقاس على المولود . ولنا أنه جنين فلم تتعلق الزكاة به , كأجنة البهائم ولأنه لم تثبت له أحكام الدنيا إلا في الإرث والوصية , بشرط أن يخرج حيا . إذا ثبت هذا فإنه يستحب إخراجها عنه ; لأن عثمان كان يخرجها عنه , ولأنها صدقة عمن لا تجب عليه , فكانت مستحبة كسائر صدقات التطوع.