الرفق أو الشدة بالحيوان سبب لدخول الجنة أو النار:

روى البخاري ومسلم أن رسول الله حدث أصحابه عن رجل وجد كلبا يلهث من العطش، فنزل بئرا فملأ خفه منها ماء فسقى الكلب حتى روي.. قال الرسول : فشكر الله له فغفر له. فقال الصحابة: أئن لنا في البهائم لأجرا يا رسول الله؟ قال: “في كل كبد رطبة أجر”.

وإلى جوار هذه الصورة المضيئة التي توجب مغفرة الله ورضوانه يرسم النبي صورة أخرى توجب مقت الله وعذابه فيقول: ” دخلت امرأة النار في هرة حبستها، فلا هي أطعمتها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض. وفي رواية لمسلم قال : “عذبت امرأة في هرة لم تطعمها ولم تسقها ولم تتركها تأكل من خشاش الأرض “

ونهي عن لعن الحيوان ، فعن عمران بن حصين قال بينما رسول الله في بعض أسفاره وامرأة من الأنصار على ناقة فضجرت فلعنتها فسمع ذلك رسول الله فقال خذوا ما عليها ودعوها فإنها ملعونة ” رواه مسلم.
كما نهى عن وسم الحيوان وكيه بالنار فعن جابر أن النبي مر عليه حمار قد وسم في وجهه فقال : ” لعن الله الذي وسمه.
كما نهى عن طعن الحيوان ولو بغرض تعلم الرماية ، فعن ابن عباس أن النبي قال: ” لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضا ” رواه مسلم .
كما أمر بالعناية بإطعام الحيوان ورعايته فقال : (إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حظها من الأرض وإذا سافرتم في السنة فأسرعوا عليها السير وإذا عرستم بالليل فاجتنبوا الطريق فإنها مأوى الهوام بالليل ) رواه مسلم.

ونهى كذلك عن قتل الحيوان بغير حق ، فقال : ” ما من إنسان يقتل عصفورا فما فوقها بغير حقها ، إلا سأله الله عنها يوم القيامة قيل : يا رسول الله ! وما حقها ؟ قال : حقها أن يذبحها فيأكلها ، ولا يقطع رأسها فيرمي به ” صحيح الترغيب .

حكم نسيان إطعام الحيوان حتى مات:

إذا كان الإنسان حريصا على القيام بحق ما لديه من طير أو حيوان ، ثم نسي مرة أن يطعمها ويسقيها فإنه لا إثم عليه بسبب نسيانه إطعامهم وسقيهم حتى لو نسيها حتى ماتت ، لأن النسيان سبب في رفع الإثم ، لأن الناسي لا يكون حالة النسيان مكلفا بما هو ناسيه ، فيكون الإطعام والسقي غير واجب عليه وهو ناسٍ ، ولا يكون بتركهما عاصيا فلا يأثم.

قال الإمام ابن العربي في “أحكام القرآن” :
قوله تعالى : { لا تؤاخذني بما نسيت } . ذكر أن النسيان لا يقتضي المؤاخذة ، وهذا يدل على أنه لا يدخل تحت التكليف ، ولا يتعلق به حكم في طلاق ولا غيره .

وفي “البحر المحيط” للزركشي : التكليف في الحقيقة إنما هو للوجوب ، والتحريم والنسيان يؤثر في هذا القسم ، ولهذا لا يأثم الناسي بترك المأمور ، ولا بفعل المنهي .

وفي “الأشباه والنظائر” للسيوطي : القول في الناسي ، والجاهل ، والمكره :
قال رسول الله : { إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه } . هذا حديث حسن . أخرجه ابن ماجه ، وابن حبان في صحيحه ، والحاكم في مستدركه بهذا اللفظ من حديث ابن عباس : وأخرجه الطبراني والدارقطني من حديثه بلفظ { تجاوز } بدل { وضع } .
وأخرجه أبو القاسم الفضل بن جعفر التميمي في فوائده من حديثه ، بلفظ { رفع } . وأخرجه ابن ماجه أيضا من طريق أبي بكر الهذلي عن شهر عن أبي ذر قال : قال رسول الله : { إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه } وأخرجه بهذا اللفظ الطبراني في الكبير من حديث ثوبان . وأخرجه في الأوسط من حديث ابن عمر ، وعقبة بن عامر ، بلفظ { وضع عن أمتي } إلى آخره . وإسناد حديث ابن عمر صحيح . وأخرجه ابن عدي في الكامل ، وأبو نعيم في التاريخ من حديث أبي بكرة ، بلفظ : { رفع الله عن هذه الأمة الخطأ ، والنسيان ، والأمر يكرهون عليه } . وقال سعيد بن منصور في سننه : حدثنا خالد بن عبد الله ، عن هشام ، عن الحسن ، عن النبي قال : { إن الله عفا لكم عن ثلاث : عن الخطأ ، والنسيان ، وما استكرهتم عليه } . وقال أيضا : حدثني إسماعيل بن عياش ، حدثني جعفر بن حبان العطاردي . عن الحسن قال سمعته يقول : قال رسول الله { تجاوز الله لابن آدم عما أخطأ ، وعما نسي ، وعما أكره ، وعما غلب عليه } . وأخرج ابن ماجه من حديث أبي هريرة { إن الله تجاوز لأمتي عما توسوس به صدورها ما لم تعمل ، أو تتكلم به ، وما استكرهوا عليه } ، فهذه شواهد قوية تقضي للحديث بالصحة .

واعلم أن قاعدة الفقه : أن النسيان والجهل ، مسقط للإثم مطلقا ، وأما الحكم : فإن وقعا في ترك مأمور لم يسقط ، بل يجب تداركه . ولا يحصل الثواب لمترتب عليه لعدم الائتمار ـ الامتثال ـ ، أو فعل منهي ، فإن كان ليس من باب الإتلاف فلا شيء فيه ، أو فيه إتلاف لم يسقط الضمان . فإن كان يوجب عقوبة كان شبهة في إسقاطها .

وقي الموسوعة الفقهية الكويتية :
النسيان لغة لفظ مشترك بين معنيين :

أحدهما : ترك الشيء عن ذهول وغفلة ، وذلك خلاف الذكر له .

والثاني : الترك عن تعمد ومنه قوله تعالى : { ولا تنسوا الفضل بينكم } أي : لا تقصدوا الترك والإهمال . ونسيت ركعة أهملتها ذهولا ، وقال الزمخشري : من المجاز نسيت الشيء تركته .
وفي الاصطلاح : هو الغفلة عن معلوم في غير حال النوم ، فلا ينافي الوجوب أي : نفس الوجوب ، لا وجوب الأداء .

قال القرافي ـ من علماء المالكية : النسيان لا إثم فيه من حيث الجملة ، بخلاف الجهل بما يتعين على الإنسان تعلمه . والنسيان أيضا يهجم على العبد قهرا لا حيلة له في دفعه عنه ، والجهل له حيلة في دفعه بالتعلم . وقيل: الغفلة والذهول والجهل البسيط بعد العلم يسمى نسيانا . قال الآمدي : إن الذهول والغفلة والنسيان عبارات مختلفة ، لكن يقرب أن تكون معانيها متحدة ، وكلها مضادة للعلم ، بمعنى أنه يستحيل اجتماعها معه .