انعقد الإجماع على كراهة دفن الميت في التابوت ولا يجوز ذلك إلا إذا كانت هناك ضرورة أو مصلحة معتبرة شرعا كما لو كانت الأرض رخوة أو كان الميت امرأة ولا محرم لها ففي هذه الحالة لا حرج في الدفن بالتابوت لأن المصلحة متحققة.

وعلى هذا فلا حرج على المسلمين الذي يعيشون في بلاد الغرب أن يقبروا موتاهم في التوابيت إذا كانت السلطات المختصة في المدينة تتعسف وتصر على عدم تطبيق القانون، و على المسلمين الذين يعيشون في تلك البلاد أن تتكاتف جهودهم وتعلو أصواتهم ويطرقوا كل الأبواب الشرعية حتى يتسنى لهم أن يقبروا موتاهم بطريقة شرعية.

ونسوق أقوال العلماء في المسألة على النحو التالي:

جاء في “فتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية:

“لم يعرف وضع الميت في تابوت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عهد الصحابة رضي الله عنهم ، وخير للمسلمين أن يسيروا على نهجهم ، ولذا كُره وضع الميت في تابوت ، سواء كانت الأرض صلبة أو رخوة أم نديّة ، وإذا أوصى بوضعه في تابوت لم تنفذ وصيته . وأجاز الشافعية إذا كانت الأرض رخوة أو ندية ولا تنفذ وصيّته عندهم إلا في مثل هذه الحالة” اهـ .

وقال ابن قدامة في المغني:

ولا يستحب الدفن في تابوت ؛ لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه ، وفيه تشبه بأهل الدنيا ، والأرض أنشف لفضلاته . اهـ .

وفي كتاب الإنصاف للمرداوي الحنبلي:

يكره الدفن في تابوت ، ولو كان الميت امرأة نص عليه الإمام أحمد اهـ .

وقال الشربيني الخطيب الشافعي في كتابه “مغني المحتاج” :

ويكره دفنه في تابوت بالإجماع ؛ لأنه بدعة إلا في أرض ندية أو رخوة ، فلا يكره للمصلحة، ولا تنفذ وصيته به إلا في هذه الحالة ، ومثل ذلك ما إذا كان في الميت تهرية بحريق أو لذع بحيث لا يضبطه إلا التابوت أو كانت امرأة لا محرم لها كما قاله المتولي لئلا يمسها الأجانب عند الدفن أو غيره ، وألحق في المتوسط بذلك دفنه في أرض مسبعة بحيث لا يصونه من نبشها إلا التابوت . اهـ .

وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:

كره دفن الميت في تابوت بالإجماع ؛ لأنه بدعة ، ولا تنفذ وصيته بذلك ، ولا يكره للمصلحة ، ومنها الميت المحترق إذا دعت الحاجة إلى ذلك .. انتهى ..

أما عن توقيت الدفن فلا يجوز تأخير الميت إلا بقدر تجهيزه أو انتظار أقاربه بحيث لا يطول الوقت، فإذا تعذر التعجيل بالدفن لسبب لا دخل لأهل الميت فيه فلا حرج عليهم إذا بذلوا وسعهم في التعجيل بدفنه.

يقول الدكتور أحمد الشرباصي من علماء الأزهر- رحمه الله – :

الأصل في الإسلام هو التعجيل بتجهيز الميت والصلاة عليه ودفنه؛ لأن هذا إكرام للميت، إذ أن ترْكه مدة طويلة بعد موته يُعرضه لتغير رائحته، وهذا هتْك لحُرمته من جهة، وأذًى للناس من جهة ثانية.

والأَوْلَى بالصلاة على الميت عند الإمام أبي حنيفة الوالي إنْ حضر، ثم القاضي، ثم إمام الجهة التي مات فيها، ثم قريبُ الميت، يُقدَّمُ الأقربَ فالأقرب.

فإذا كان أقارب الميت مَوجودين اشتركوا في الصلاة عليه، وإذا كانوا غائبين وأمكن حُضورهم بعد مدة قصيرة لا يتغير فيها الميت، ولا يتأذَّى الناس من رائحته، فلا مانع من انتظارهم؛ ولكن إذا كان حضورهم سيستغرق وقتًا طويلاً، فلا يبقى الميت لانتظارهم، بل يُصلَّي، عليه أولَى الناس بالصلاة عليه ممَّن حضروا.

ولقد دفن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ رجلاً من صحابته بالليل. ومات سيدنا أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ ليلاً ودفنوه قبل أن يُصبح، كما جاء في رواية، البخاري.