يجوز لعن الكافرين عموماً لقوله تعالى : {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً }و لكن ليس من خلق المسلم اللعن ، والطعن و الغمز و اللمز ، فقد أوجب الله جل وعلا على عباده حفظ ألسنتهم مما حرم عليهم، قال سبحانه: ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) [ق: 18]، وقال تعالى : ( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ) [الانفطار: 10-12].
فالإنسان مأمور بحفظ لسانه وصيانة جوارحه عما حرم الله عليه، والرسول ﷺ قال: “لعن المؤمن كقتله” فشبه اللعن بالقتل كما قال: “إن اللعانين لا يكونون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة ،وليس المؤمن بالطعان ،ولا اللعان ،ولا الفاحش ، ولا البذيء”.
فالسب واللعان أمر منكر ليس من خلق المسلمين.
هل يجوز لعن الكافرين؟
-يقول الشيخ عبد العزيز بن باز رضي الله عنه :
الواجب على المؤمن حفظ اللسان، وهكذا المؤمنة، يجب عليها حفظ اللسان عما حرم الله من السباب والكذب وقول الزور .أهـ
-وفي كتاب ( الآداب الشرعية ) لابن مفلح : يجوز لعن الكفار عامة ، وهل يجوز لعن كافر معين ؟ على روايتين .
-قال الشيخ تقي الدين : ولعن تارك الصلاة على وجه العموم جائز ، وأما لعنة المعين فالأولى تركها ؛ لأنه يمكن أن يتوب .
-وقال الشيخ تقي الدين أيضا في موضع آخر في لعن المعين من الكفار ومن أهل القبلة وغيرهم ومن الفساق بالاعتقاد أو بالعمل : لأصحابنا فيها أقوال :
أحدها : أنه لا يجوز بحال ، وهو قول أبي بكر بن عبد العزيز .
والثاني : يجوز في الكافر دون الفاسق .
والثالث : يجوز مطلقا . أهـ
هل يجوز للمسلم أن يلعن؟
الأولى أن يشتغل المسلم بنفسه أن ترك اللعن أولى فقد روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قيل : يا رسول الله ادع الله على المشركين . قال : إ”ني لم أبعث لعانا . وإنما بعثت رحمة”.
-قال الإمام المناوي في شرحه لكلمة لعانا: أي مبالغاً في اللعن ، أي: الإبعاد عن الرحمة ،والمراد نفي أصل الفعل على وزان : {وما ربك بظلام} وهذا قاله لما قيل له : ادع على المشركين يعني لو كنت أدعو عليهم لبعدوا عن رحمة اللّه ، ولصرت قاطعاً عن الخير إني لم أبعث لهذا. أهـ
بل ذهب النبي ﷺ لأبعد من هذا فنهي ﷺ عن نهي الدواب فقد بوب مسلم بابا في صحيحه بعنوان : باب النهي عن لعن الدوابّ وغيرها ، وذلك في قوله ﷺ في الناقة التي لعنتها المرأة: “خذوا ما عليها ودعوها فإنها ملعونة”
وفي رواية: “لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة” إنما قال هذا زجراً لها ولغيرها، وكان قد سبق نهيها ، ونهي غيرها عن اللعن فعوقبت بإرسال الناقة، والمراد النهي عن مصاحبته لتلك الناقة .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ : “لاَ يَنْبَغِي لِصِدّيقٍ أَنْ يَكُونَ لَعّاناً.
وقال أيضا : “لاَ يَكُونُ اللّعّانُونَ شُفَعَاءَ وَلاَ شُهَدَاءَ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ”.
وذلك لأن الشفاعة ضد اللعن ، كما أن الشهادة ضد اللعن ، وعلى هذا فترك اللعن أولى.