الأصل أن يكون للمسلمين مقابر خاصة بهم ، وأن يدفن المسلم فيها ، وأنه لا يجوز دفن المسلم في مقابر الكفار ، إلا لضرورة، وبعد مقابر المسلمين لا يعد ضرورة إن أمكن نقله إليها بدون مشقة بالغة.

هل يجوز دفن المسلم في غير مقابر المسلمين؟

جاء في فتاوى المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء :
هناك أحكام شرعية مقررة تتعلق بشأن المسلم إذا مات، مثل تغسيله وتكفينه والصلاة عليه، ومن ذلك دفنه في مقابر المسلمين.
ذلك: أن للمسلمين طريقة في الدفن واتخاذ المقابر، من حيث البساطة والتوجيه إلى القبلة، والبعد عن مشابهة المشركين والمترفين وأمثالهم.

ومن المعروف: أن أهل كل دين لهم مقابرهم الخاصة بهم، فاليهود لهم مقابرهم، والنصارى لهم مقابرهم، والوثنيون لهم مقابرهم، ولا عجب أن يكون للمسلمين مقابرهم أيضاً، وعلى المسلمين في البلاد غير الإسلامية أن يسعوا – بالتضامن فيما بينهم – إلى اتخاذ مقابر خاصة بهم، ما وجدوا إلى ذلك سبيلاً؛ لما في ذلك من تعزيز لوجودهم وحفظ لشخصيتهم.

فإذا لم يستطيعوا الحصول على مقبرة خاصة مستقلة، فلا أقل من أن يكون لهم رقعة خاصة في طرف من أطراف مقبرة غير المسلمين، يدفنون فيها موتاهم.

فإذا لم يتيسر هذا ولا ذاك ومات لهم ميت، فيدفن حيث أمكن ولو في غير مقابر المسلمين، إذ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ولن يضير المسلم إذا مات في هذه الحالة أن يدفن في مقابر غير المسلمين، فإن الذي ينفع المسلم في آخرته هو سعيه وعمله الصالح، وليس موضع دفنه قال تعالى: (وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) [النجم: 39]. وكما قال سلمان الفارسي – رضي الله عنه -: “إن الأرض لا تقدس أحداً، وإنما يقدس المرء عمله” رواه مالك في الموطأ.

 هذا، وإن القيام بدفن الميت حيث يموت هو الأصل شرعاً، وهو أيسر من تكلف بعض المسلمين نقل موتاهم إلى بلاد إسلامية، لما في ذلك من المشقة وتبديد الأموال.

حكم دفن المسلم في غير مقابر المسلمين لبعد المقبرة؟

ليس بعد المقبرة الإسلامية عن أهل الميت مسّوغاً لدفنه في مقبرة غير المسلمين؛ لأن الأصل في زيارة المقابر إنما شرعت أساساً لمصلحة الزائر؛ للعبرة والاتعاظ، كما ثبت في الحديث: “كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها، فإنها ترق القلب، وتدمع العين، وتذكر الآخرة” رواه أحمد والحاكم عن أنس وحسنه.

أما الميت فيستطيع المسلم أن يدعو له ويستغفر له، ويصله الثواب بفضل الله تعالى في أي مكان كان الداعي والمستغفر له .