أذن الشرع في المزاح بشرطين:
الأول: أن يكون صدقاً.
والثاني: أن يكون يسيراً.
قال ابن قدامه في مختصر منهاج القاصدين: المزاح، أما اليسير منه فلا ينهى عنه إذا كان صادقاً، فإن النبي ﷺ كان يمزح ولا يقول إلا حقاً، فإنه قال لرجل: “يا ذا الأذنين. وقال لآخر: “إنا حاملوك على ولد الناقة”، وقال للعجوز: “إنه لا يدخل الجنة عجوز” ثم قرأ : إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً* فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً [الواقعة:35-36]، وقال لأخرى: “زوجك الذي في عينيه بياض”.
ومما يدل على تحريم الكذب في المزاح ما رواه بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: “ويل للذي يحدث، فيكذب ليضحك به القوم، ويل له، ثم ويل له”. والحديث قوى إسناده الحافظ ابن حجر رحمه الله.
أما إذا أضيف إلى الكذب السخرية من اليوم الآخر فإن الأمر يكون أشد خطورة (قل أبالله ورسوله كنتم تستهزءون) أما القول بأن هذا ليس المقصود منه السخرية من الدين أو العقيدة وإنما هي الرمزية فهذا الكلام محض جدل ممقوت، فلا حرج على الأديب أن يطلق العنان لخياله في التعبير عن مقصوده ولكن بشرط ألا يتطاول هذا أمور الدين والعقيدة والتي قد يلبس بها على العامة فالحديث عن أمور العقيدة والغيبات ليست مجالا للمزاح وليست مجالا للإبداع وإنما يجب الوقوف فيها عند حدود الشروع وما أخبر به المعصوم ﷺ، أما التطاول على أمور العقيدة بدعوى الرمزية والإبداع فهذا بهتان وإثم عظيم.