سئل الدكتور سعود بن عبدالله الفنيسان-عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً- هذا السؤال :

سؤالي لكم حول مسألة في البيوع قد عمّت بها البلوى (وهذا ما أخبرني به كل من سألتهم عن الموضوع، من أنهم يعانون من نفس المشكلة !) أنا أعمل في شركة أجنبية، يأتينا العملاء – ومعظمهم أجانب – بعد إنجاز العمل ليستلموا ما أعددناه لهم، ويطلبون منا فاتورتين :- فاتورة بالمبلغ الصحيح الذي نتقاضاه منهم لقاء ما قدمناه لهم من خدمات- وفاتورة فيها مبلغ أعلى من المبلغ الذي تقاضيناه منهم، وأغلب الظن أنهم يريدون تقديم الفاتورة الثانية لمرؤوسيهم إيهاما لهم أنهم دفعوا المبلغ الثاني، (نحن عادة لا نسألهم عن الأسباب) وأحياناً يطلبون منا عدة فواتير، كل واحدة منها فيها مبلغ مختلف، سؤالي هو : هل يجوز إعداد هذه الفواتير للزبون ؟علما أن هذا الأسلوب أصبح من الأمور المتعارف عليها الآن في السوق !!! هذا ما لمسته وهذا ما أخبرني به من يعملون في شركات أخرى، كما أنني لا أستطيع أن أرفض إعداد هذه الفواتير، فكما أسلفت، أنا أعمل في شركة أجنبية، وأغلب الظن أن الشركة ستخسر عملاءها لو رفضت تحضير الفواتير كما يطلبون، كما أنني تقريبا الوحيد بالشركة الذي يجيد الفرنسية، فهم يعتمدون عليّ في تحضير كل الوثائق التي باللغة الفرنسية، بانتظار إجابتكم بارك الله فيكم.

فأجاب بقوله :

إذا كانت هذه الفواتير التي يطلبها المشتري أو مندوبه لغرض التسعير لمعرفة الأقل سعراً أو الاجود صنفاً فلا بأس، أما إذا كان الأمر خلاف ذلك، ومثل ما تشير إليه في السؤال فإن هذا لا يجوز، بل مساعدة على الاختلاس وأكل الحرام وإعانة على الباطل والله يقول : “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ” [المائدة: من الآية2] ويقول سبحانه: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً” [النساء:29]، وفي الحديث الصحيح: “إنه لا يربو لحمٌ نبت من سحت إلا كانت النار أولى به” رواه الترمذي (614)، وغيره من حديث كعب بن عجرة – رضي الله عنه – ، وإذا كنت تجهل ما يراد بهذه الفواتير المطلوبة فلا إثم عليك، ولا يلزمك شرعاً أن تسأل ماذا تريدون بها، أما إذا سألت وعلمت أنهم يريدون إيهام رؤسائهم بأنهم دفعوا المبلغ الكبير ليحصلوا على الفرق بين الفاتورتين فهذا هو الحرام الذي لا يجوز لك فعله، وفق الله الجميع إلى ما يحبه ويرضاه.انتهى.

وبالتالي فإنكم إذا تأكدتم أو غلب على ظنكم أن الشركة ستستخدم هذه الفواتير الوهمية لاستغلال الوزارة فحينئذ لا يجوز لكم أن تفعلوا ذلك ، وإذا لم تعلموا السبب فلا يحرم عليكم  وإن كان الورع ترك ذلك.