نقول لكل مسلم إن التسرع في إيقاع الطلاق لمبرر أو غير مبرر حتى إنه يوقع الطلاق مرات ومرات، ويسيء لزوجته فهذا لا يجوز للمسلم أن يورط نفسه فيه.

والطلاق أبغض الحلال إلى الله، وهو إذا كان بغير سبب موجب يعتبر من المحرمات عند المحققين من العلماء، فإن القرآن يعتبر التفريق بين المرء وزوجه من أعمال السحرة الكفرة، وهذا يدلنا على أهمية رباط الزوجية، الذي سماه القرآن ميثاقا غليظا، فلا يحل نقض هذا الميثاق الغليظ إلا لمبرر قوي مستيقن.

وهناك أشياء يجب العلم بها وهي هل كانت الطلقات المتكررة مستوفية لشروطها تماما، بمعنى صيغة الطلاق هل كانت صحيحة أم معلقة؟ وليس مرادا بها حمل على شيء أو منع من شيء، وأنها وقعت في طهر لم يمسها فيه، فهذه الأسئلة مهمة حتى يترتب عليها الحكم.

أسباب الطلاق

إذا تعرفنا الأسباب الواقعية التي ترجع إليها كثرة الطلاق، ثم بذلنا الجهد في القضاء عليها بما وضعته الشريعة، لسلمت الأسرة مما يهددها في بقائها وسعادتها، ولسلمت الشريعة من النقد في تشريع الطلاق، وإن من يمعن النظر في أسباب الطلاق ليجدها على كثرتها ترجع إلى سببين رئيسيينِ :

الأول: إهمال الوصايا الدينية فيما يتعلق بتكون الأسرة وبسلامتها بعد تكونها من الشقاق بين الزوجين .

الثاني: التزام مذاهب معينة في الحكم بوقوع الطلاق بالنظر إلى ألفاظه وبالنظر إلى الحالة التي يكون عليها الزوجان، بينما نجد مذاهب أخرى قوية لا ترى وقوعه في كثير من الحالات ولا بكثير من الألفاظ، أي أنها تضيق دائرة وقوعه إلى حد يجعله، كما شرعه الله، ضرورة لابد منها هي الإنقاذ .

منهج الإسلام في الوقاية من الطلاق

1– اختيار الزوجة، فالشريعة الإسلامية توصي باختيار ذات الخلق والدين، وتحذر من اختيار ذات المال، أو الحسب لحسبها، أو الجاه لجاهها.

2-أسلوب الخطبة فالشريعة توصي برؤية كل من الطرفين لصاحبه على وجه تعرف به الاتجاهات القلبية، وتحذر الاكتفاء بوصف الوسطاء، أو خطبة الخاطبات المستأجرات تحذر الإسراف في المخالطة قبل العقد، ولا ريب أن الزواج الذي يكون أساسه المفاجأة ليلة الزفاف دون رؤية سابقة، أو يكون أساسه الإسراف في الاختلاط قبل العقد ـ كما تحذر الشريعةـ هو زواج كثيرا ما يتعرض للتدهور والانحلال.

3- حسن المعاشرة المتبادل بين الزوجين بعد الزفاف، وذلك يكون بقيام كل منهما بحق الآخر، فلا يتزمت الزوج في معاملة زوجته، ولا يسرف في إساءة الظن بها إلى أن يحكم عليها النوافذ والأبواب، ويمنعها حق استنشاق الهواء وزيارة الأرحام. ولا يتحلل من صيانتها ويترك لها الحبل على الغارب، فيبيح لها حضور المحافل والمنتديات والمقابلات والخلوات حسبما تشتهي، ولا ريب أن التزمت، والتحلل لهما أثرهما السيئ في العلاقة الزوجية.

4- أن يبتعد عن الزوجين تحكم الأهل والأقارب في عاطفة كل منهما نحو صاحبه، ولا ريب أن الحياة الزوجية التي يتحكم فيها الأهل، فتغري الرجل بزوجه أو العكس، تسوء حالها وتتعرض للتدهور والانحلال، وهنا يجب أن يعرف الأهل والأقارب ـ وبخاصة الوالدان ـ أن سعادتهم بسعادة أبنائهم، وسعادة أبنائهم بالعمل على تقوية الروابط وتوثيق عرى المحبة بينهم.