من الفقهاء من لم يعتبر التداوي ضرورة قاهرة كالغذاء، مستندين إلى حديث “إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم.
ومنهم من اعتبر هذه الضرورة وجعل الدواء كالغذاء، فكلاهما لازم للحياة في أصلها أو دوامها، وقد استدل هذا الفريق -على إباحة المحرمات للتداوي- بأن النبي ﷺ رخص في لبس الحرير لعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام رضي الله عنهما لحكة -جرب- كانت بهما. مع نهيه عن لبس الحرير، ووعيده عليه.
وربما كان هذا القول أقرب إلى روح الإسلام الذي يحافظ على الحياة الإنسانية في كل تشريعاته ووصاياه.
هل يجوز استخدام الأدوية التي تحتوي على الكحول:
الرخصة في تناول الدواء المشتمل على محرم مشروطة بشروط:
1- أن يكون هناك خطر حقيقي على صحة الإنسان إذا لم يتناول هذا الدواء.
2- ألا يوجد دواء غيره من الحلال يقوم مقامه أو يغني عنه.
3- أن يصف ذلك طبيب مسلم ثقة في خبرته وفي دينه معا.
إلا أن ومن تقرير ثقات الأطباء: أن لا ضرورة طبية تحتم تناول شيء من هذه المحرمات -كدواء- ولكننا نقرر المبدأ احتياطا لمسلم قد يكون في مكان لا يوجد فيه إلا هذه المحرمات.
حكم الدواء المشتمل على نسبة قليلة من الكحول:
النسبة القليلة من الكحول المسكر في الأدوية لا يحرمها على مستعملها ، ولا يحكم بنجاستها لأجلها ، وذلك لأن المسكر إذا خلط بنسبة قليلة مع الماء ، أو الدواء ، فإنه يستهلك ولا يبقى له أثر ، فلا يصير الشراب المشتمل على نسبة كحول (5%) مثلا مسكرا .
يقول الخطيب الشربيني رحمه الله :
” محل الخلاف في التداوي بها – يعني بالخمر – بصرفها ، أما الترياق المعجون بها ونحوه مما تستهلك فيه ، فيجوز التداوي به عند فقد ما يقوم مقامه ، مما يحصل به التداوي من الطاهرات ، كالتداوي بنجس ، كلحم حية ، وبول , ولو كان التداوي بذلك لتعجيل شفاء ، بشرط إخبار طبيب مسلم عدل بذلك ، أو معرفته للتداوي به ” انتهى.
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي ما يأتي :
” للمريض المسلم تناول الأدوية المشتملة على نسبة من الكحول إذا لم يتيسر دواء خال منها ، ووصف ذلك الدواء طبيب ثقة أمين في مهنته ” انتهى.