يقول فضيلة الشيخ عطية صقر – رحمه الله تعالى -:

هناك خلاف بين الفقهاء في جواز التنفل قبل صلاة العيد يتلخص فيما يلي:

1- قال المالكية: يُكره التنفل قبل صلاة العيد وبعدها إن أُدِّيت الصلاة في الصحراء كما هو السنة، وأما إذا أديت بالمسجد ـ على خلاف السنة ـ فلا يُكره التنفل لا قبلها ولا بعدها.

2- والحنابلة قالوا: التنفل قبل صلاة العيد وبعدها بأي مكان صُليت فيه صلاة العيد، أي في المسجد وغيره.

3- والحنفية قالوا: التنفل قبل صلاة العيد، في المصلى وغيره، ويكره بعدها إذا كان في المصلى فقط، أما في البيت فلا يكره.

4- والشافعية قالوا: بالتفصيل بين الإمام والمأموم، فيُكره للإمام أن يتنفل قبلها وبعدها، سواء أكانت الصلاة في الصحراء أم في غيرها، ولا يكره للمأموم التنفل قبلها مطلقًا، ولا بعدها إن كان ممن لم يسمع الخطبة لصَمَم أو بُعْد، وإلا كان التنفل له مكروهًا.

إن سبب الخلاف هو روايات لم يَرد فيها أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهى عن ذلك، وإنما الثابت ما رواه ابن عباس أنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ لم يصلِّ قبل العيد ولا بعده، فالذين قالوا بالمنع كان دليلهم فعل الرسول لا قوله، والذين قالوا بالجواز استندوا أنه لم يرد نهى عن ذلك، مع الاتفاق على أنه لم تُشرع سنة قبل صلاة العيد ولا بعدها، وإنما الخلاف في صلاة التطوع أو سنة الوضوء أو تحية المسجد أو قضاء أو غير ذلك، في الوقت الذي لا تكره فيه الصلاة.

ومن أحسن ما يقوِّى رأي القائلين بالجواز ما قاله العراقي في شرح الترمذي من أنه ليس فيها نهْي عن الصلاة في هذه الأوقات، ولكن لما كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ يتأخر في مجيئه إلى الوقت الذي يصلي بهم فيه ويرجع عقب الخطبة روى عنه من روى من أصحابه أنه كان لا يصلى قبلها ولا بعدها، ولا يَلزم مِن ترْكه لذلك لاشتغاله بما هو مشروع في حقه من التأخر إلى وقت الصلاة ـ أن غيره لا يُشرع ذلك له ولا يُستحب، فقد روى عنه غير واحد من الصحابة أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يكن يصلى الضحى، وصح ذلك عنه، وكذلك لم يُنقل عنه أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ صلى سنة الجمعة قبلها؛ لأنه إنما كان يؤذَّن للجمعة بين يديه وهو على المنبر، قال البيهقي: يوم العيد كسائر الأيام، والصلاة مباحة إذا ارتفعت الشمس حيث كان المصلَّي، ويدل على عدم الكراهة حديث أبي ذر أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: “الصلاة خير موضوع، فمن شاء استكثر ومن شاء استقل” رواه ابن حبان في صحيحه.

قال الحافظ في الفتح: والحاصل أن صلاة العيد لم تثبت لها سنة قبلها ولا بعدها خلافًا لمن قاسها على الجمعة، وأما مطلق النقل فلم يثبت فيه منع بدليل خاص، إلا إن كان ذلك في وقت الكراهة في جميع الأيام.

بعد هذا نقول: لم يرد حديث بمنع مطلق النفل قبل صلاة العيد، ولا يمنع ما ورد فيه دليل يخصه كتحية المسجد إذا أقيمت صلاة العيد في المسجد.