البيع في المسجد وحكمه:
وجاء في فقه المذاهب الأربعة أن الحنفية كرهوا إيقاع عقود المبادَلة بالمسجد كالبيع والشراء والإجارة، أما عقد الهبة ونحوها فإنّه لا يُكره.
والمالكيّة قالوا مثل الحنفية تقريبًا.
أما الحنابلة فقالوا: يحرُم البيع والشراء والإجارة في المسجد، وإن وقع فهو باطل.
والشافعيّة قالوا: يحرُم اتخاذ المسجد محلاًّ للبيع والشراء على الدوام، وأما إن وقع ذلك نادِرًا فهو خلاف الأولى إلا إذا أدَّى إلى التضييق على مُصَلٍّ فيحرم.
فالخلاصة أن عقد الصفقات في المسجد في بعض الأحيان مكروه أو خلاف الأولى عند الجمهور وحرام وباطل عند أحمد، واتخاذه لذلك على الدوام حرام عند الشافعية والحنابلة، وكذلك إذا أدّى إلى التضييق على المصلِّي، وأرى حرمتَه إذا أخلّ بحرمه المسجد سواء أكان أحيانًا أو على الدوام.
البيع عند أذن يوم الجمعة:
جاء في تفسير القرطبي لهذه الآية: أن البيعَ عند النِّداء لصلاة الجمعة حرامٌ على من كان مخاطبًا بفرض الجمعة، أمّا مَن لا يجب عليه حضور الجمعة فلا ينهى عن البيع والشراء. ثم قال: وفي وقت التحريم قولان:
الأول: أنّه من بعد الزوال إلى الفراغ منها.
والثاني: أنّه من وقت أذان الخُطبة إلى وقت الصّلاة كما قاله الشافعي.
ومذهب مالك أن يترُك البيع إذا نُودِيَ للصلاة، ويفسخ عنده ما وقع من ذلك من البيع في ذلك الوقت، ويرى ابن العربي فسخ كل العقود فكل أمر يشغل عن الجمعة حرام شرعًا مفسوخ رَدعًا.
وقال الشافعي: إن البيع في ذلك الوقت ليس بحرام لكنه مكروه، وهو ينعقد ولا يفسخ، ثم أنهى القرطبي ذلك بقوله، قلت: والصّحيح فساده وفسخه، لقوله عليه الصلاة والسلام:” كل عملِ ليس عليه أمرُنا فهو رَدٌّ ” أي مردود.
وجاء في فقه المذاهب الأربعة أن الحنفيّة قالوا: يحرم البيع عند الأذان الواقع بعد الزوال إلى انتهاء الصلاة، وقال المالكية: إنَّ عقد البيع فاسد ويُفسَخ.
وقال الحنابلة: لا يَنْعقِد.
فالخلاصة: أنَّ عقدَ الصفقات بعد أذان الجمعة حرام عند الجمهور، والمال خَبيث، ولا ينعقد عند بعضهم، ومكروه عند الشافعية وينعقد.